من حقها ترفض

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الخميس 4 نوفمبر 2010 - 10:33 ص بتوقيت القاهرة

يجىء رفض الفنانة الكبيرة شادية لفكرة تجسيد مشوارها الفنى ورحلتها فى الحياة عبر مسلسل تليفزيونى ليضع النقاط على الحروف فى مسألة اختراق الحياة الخاصة للنجوم أمواتا وأحياء، والتى باتت موضة أغرقت فكر مؤلفى الساحة الدرامية. فالنجمة الكبيرة بمجرد أن نما إلى علمها أن هناك مسلسلا خاصا عنها انتفضت بكل ما تملكه من إصرار على عدم الخوض فى حياتها، وهو ما يعنى عدم ظهور اسمها من جديد فى الأضواء، وتركت رسالة إلى د. أشرف زكى نقيب الممثلين تنشده فيها بعدم الاقتراب أو المساس بحياتها الخاصة فى أى عمل فنى، وزيّلت رسالتها بكلمات تحذير باللجوء إلى القضاء إذا ما أصر احد على تجسيد قصة حياتها على الشاشة.

قرأ زكى الرسالة وتعهد بينه وبين نفسه على تنفيذ رغبة النجمة الكبيرة والتى تعد بمثابة وصية يجب العمل بها حاول زكى أن يتحدث مع شادية وأن يلتقى بها لكنها أخبرته بتأجيل اللقاء إلى وقت لاحق. شادية التى آثرت الشاشة العربية بأعمال خالدة عاشت ومازالت فى وجدان الجمهور اختارت أن تبتعد عن الحياة الفنية وآثرت العزلة منذ منتصف الثمانينيات لتعيش فى سكينة بعيدا عن حياة الأضواء، ولم يكن رفضها لتجسيد مسيرتها فى الفن والحياة فى عمل درامى وليد اليوم، بل كانت هناك محاولات كثيرة وإغراءات مادية بلا حدود من أجل ظهورها لتروى مسيرة حياتها عبر الفضائيات. تمسكت شادية بقرارها وهذا حقها الذى يجب أن نحترمه، وألا نجعلها تشعر بالقلق فى أى لحظة يمكن اختراق حياتها أو جزء منها، وهى اللحظة التى تخشاها الآن وجعلتها تهدد باللجوء إلى القضاء.

والسؤال الذى قد يخطر ببال أحد: لماذا ترفض شادية تجسيد قصة حياتها على الشاشة رغم أن هناك أعمالا أخرى تناولت مسيرة حياة نجوم ومشاهير الفن؟!

الحقيقة أننى أرى أن شادية معها كل الحق فى رفضها، وبل وأرى أيضا أن النجوم الذين تم تجسيد قصص حياتهم على الشاشة لو كانوا حاضرين بيننا أثناء تنفيذ الأعمال وعرضها لاعترضوا على مجرد الفكرة؛ لأنه مهما كانت درجة البحث والدراسة للاقتراب من الصورة الحقيقية لحياة هؤلاء النجوم فإنها قطعا لم تكن دقيقة ولا أمينة؛ لأن كل لحظة فى حياة النجم لها ظروفها النفسية والاجتماعية والتى قد لا يقدر أحد على الوصول إليها وبالتالى تظهر الصورة باهتة.. فالحياة لا يمكن إعادة رسمها مهما كانت درجة حساسية من يمسك بالفرشاة، ولا يمكن تجسيدها مهما كانت الصورة شفافة وصادقة.. هناك مواقف ومحطات لا يمكن كتابتها وتصويرها؛ فبعض الأعمال التى تناولت سيرا ذاتية كانت أحيانا منصفة لكن معظمها كانت غير صادقة ومشوهة للصورة إلى الدرجة التى جعلت مشاهديها يتمنون كما لو بقيت الصورة الماضية فى الأذهان.. وسيبقى النجم وحده صاحب تلك الحياة.. هو من يملك تفاصيلها.. هو من عاش لحظات آلامها وبهجتها.

فلنحترم قرار شادية ورغبتها وهى مازالت بيننا أطال الله فى عمرها وهى تملك حق الاعتراض.. وصدقونى هى لم تخش شيئا ولم ترد أن تتستر على شىء. هى فقط تريد أن تبقى كما هى فى وجدان عشاقها ومحبيها وجمهورها.. تريد أن تبقى الصورة الجميلة فى الأعمال السينمائية والغنائية وتريد أن تبقى الصورة الأكثر جمالا وهى تمارس حياتها الطبيعية بعيدا عن الأضواء.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved