بدلة مرسى

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الثلاثاء 5 نوفمبر 2013 - 7:00 م بتوقيت القاهرة

أوراقرغم أن الرئيس المعزول محمد مرسى يعيش الآن أسوأ أيام حياته، ويهدد حبل المشنقة رقبته إذا تمت إدانته فى جريمة قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية فى الخامس من ديسمبر الماضى، إلا أن الكثيرين يتوقعون فاصلا كوميديا من الرئيس إذا أعطت له المحكمة الفرصة لكى يدافع عن نفسه، فالرجل فى نظرهم سيطلق بالتأكيد العديد من «الإفيهات»، على غرار تصريحاته عندما كان فى الحكم، من عينة الحارة المزنوقة، أو دراما القرد والقرداتى، أو الصوابع اللى بتلعب جوه مصر، أو «جاز أند أويل دونت ميكس»، أو الدرنك دونت درايف».. وغيرها.

هذا الجانب المظلم من تركيبة الرئيس الثقافية، أو بمعنى أدق هذا الجانب من نقاط الضعف فى شخصيته، سيجرف الرأى العام بعيدا عن التعاطى مع المحاكمة بالجدية المطلوبة، وسيغرى الكثير من القنوات الفضائية بالتعامل معها بشكل تجارى، لنواجه مرة أخرى مرحلة جديدة من العبث السياسى الذى يلازمنا منذ اندلاع ثورة يناير، ويحرص عليه الكثيرون من قوى الفلول والثورة المضادة، لتحقيق مصالحهم فى الهيمنة من جديد على مقاليد الأمور فى مصر، واستمرارهم فى احتكار الثروة والسلطة.

ولا شك ان هناك أطرافا عديدة فى مصر وخارجها، يراهنون على استغلال هذه الموجة الجديدة من العبث المنتظر، لكى تشعل فصلا جديدا فى الصراع الدموى بين الإخوان والسلطة الجديدة فى مصر، لاستزاف طاقة البلاد، وإغراقها فى دوامة جديدة من الخلافات التى تستهدف ضرب أى فرصة حقيقية لإعادة الاستقرار المطلوب لتحقيق أهداف ثورتى يناير ويونيو فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، كما تراهن هذه الأطراف أيضا على استثمار قرار المحكمة بعدم إذاعة الجلسات على الهواء مباشرة، بتوجيه ضربات تحت الحزام للسلطة الجديدة فى مصر بأنها أقل ديمقراطية، وانها تمارس وصاية على الشعب، وأنها تتخذ العديد من القرارات التى تكشف نواياها فى إعادة الحكم العسكرى للبلاد بقفاز مدنى!

محاكمة مرسى تقدم لمؤسسات السلطة الجديدة فى مصر،وعلى رأسها السلطة القضائية، الفرصة لكى تؤكد لجموع المصريين أنها تنحاز فعلا لثورتى الشعب المصرى، وأنها توفر محاكمة عادلة للرئيس المعزول، وان القضاء لا يخضع لأى إملاءات سياسية من أى جهة كانت فى الدولة ، ومع ذلك فإن الأمر الأكثر أهمية ، هو ضرورة صنع إدراك شعبى عام بأن محاكمة مرسى لا تقتصر على الجرائم الخطيرة المتهم بارتكابها، ولكنها مجرد خطوة لكشف حقيقة تنظيم الإخوان المسلمين وأهدافه السرية، وكيف يفكر قادته؟ وما الذى كانوا يخططون له؟ .. فمرسى فى نهاية المطاف لم يكن سوى صدى لصوت مكتب الإرشاد، ومندوبا له فى رئاسة الجمهورية، لا أكثر ولا أقل!

نحن الآن أمام خيارين، إما أن نكتفى بأن نغرق فى تفاصيل بدلة مرسى البيضاء التى رفض ارتداءها قبل دخوله القفص أمس، أو أن نجرى بالتوازى مع محاكمته فى أكاديمية الشرطة، محاكمة سياسية ــ ثقافية جادة لتنظيم الإخوان نكشف بها كل ما يثار حوله من لغط وخفايا وأسرار.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved