تعرف على سياسات «داعش» الجامعية!

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الخميس 4 ديسمبر 2014 - 2:12 م بتوقيت القاهرة

         جلجامش نبيل..  ••

يوم بعد يوم، يكتشف سكان مدينة الموصل العراقية التوجه «الأكاديمى» لميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا باسم «داعش».

إذ تعتزم جامعة الموصل فتح أبوابها مجددا فى 25 نوفمبر، بعد أن اضطرت لإغلاقها فى الصيف على إثر الهجوم الواسع الذى شنته ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة شمال العراق وسوريا.

لكن الجامعة، التى تعد أكبر مؤسسة للتعليم العالى فى ثانى أكبر المدن العراقية، تعج بالمسلحين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة والذين فرضوا تفسيراتهم المتشددة للشريعة الإسلامية فى الحرم الجامعى. كما تعانى المرأة من صعوبات عديدة.

وقال أستاذ الأدب، الذى طلب عدم الكشف عن هويته حفاظا على سلامته، «تشكل الجامعة اليوم رعبا حقيقيا. لن أذهب لهناك، فالجامعة مليئة بالسلاح وأخشى أن يحدث شىء ما وأنا هناك»، مضيفا «لا أعتقد أن تستمر العملية التعليمية فالكثير من الأساتذة خارج الموصل الآن. واضطر الأساتذة من الأقليات الدينية والعرقية للمغادرة أيضا، وهناك نقص ملحوظ فى عدد الموظفين».

درس حوالى 30 ألف طالب وطالبة فى جامعة الموصل العام الماضى. بعد هزيمة ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية للجيش العراقى خلال الصيف، فر العديد من الطلاب إلى كردستان العراق أو بغداد. تقدم بعضهم للامتحانات النهائية فى الموصل فى وقت سابق من هذا الشهر. لكن ليس من المؤكد بعد ما إذا كانت وزارة التعليم العالى العراقية ستعترف بتلك الامتحانات. وغادر آخرون الموصل لتقديم الامتحانات فى الجامعات الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحكومة. وهم أيضا لا يعرفون ما إذا كان ينبغى العودة إلى الموصل لاستكمال دروسهم. يكافح الكثيرون منهم من أجل البقاء على قيد الحياة سواء على الأراضى التى تسيطر عليها ميليشيات الدولة الإسلامية أو كلاجئين فى أماكن أخرى.

•••

داخل الحرم الجامعى، فرضت الميليشيات سياسة الفصل بين الجنسين سواء كطلاب أو كموظفين، بما فى ذلك خلال الامتحانات التى عقدت فى أوائل نوفمبر.

وقال أستاذ كلية الطب، طلب أيضا عدم الكشف عن اسمه «تعانى الفتيات من كابوس دينى. إذ يقوم أعضاء «الحسبة» ــ هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ــ بالتجول داخل الحرم الجامعى وإصدار أوامر بمكبرات الصوت مطالبين بنزع الطالبات للأحزمة، حيث يحظر عليهن ارتداء الأحزمة حتى فوق العباءات السوداء حتى لا تظهر خصورهن. أو يصيحون «غطوا وجوهكن» لمنع إظهار العيون من تحت النقاب. كما تتم معاقبة الفتيات إذا تحدثن مع الرجال، ويتم سؤال أى رجل يرافق فتاة إلى الحرم الجامعى حول الصلة التى تجمعهما».

تبدى الطالبات تخوفا من عدم قدرتهن على استكمال دراستهن فى ظل هذه الظروف القمعية.

تقول س. م، طالبة فى جامعة الموصل طلبت ذكر الحروف الاولى من اسمها فقط، «يتوجب على كل الطالبات ارتداء الحجاب، وقد وافق الأساتذة على ذلك. إذ تم تطبيق ذلك على الموظفين أيضا ستعانى الكثير من الإدارات من نقص حاد فى الموظفين».

واتفق أستاذ الأدب مع ما قالته س.م. وقال «لن يسمحوا للأساتذة الذكور بإعطاء محاضرات للطالبات. هناك نقص فى عدد الموظفات ولا يوجد عدد كافٍ فى كل الكليات. مما سيحرم الطالبات من العديد من التخصصات».

•••

تفرض ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية تفسيرها المتطرف للشريعة الإسلامية على جميع الصفوف التعليمية، من المرحلة الابتدائية إلى مستويات الجامعة، بقسوة بالغة.

ففى 18 أكتوبر، أصدر «ديوان التربية والتعليم» ــ هيئة أنشأتها الميليشيات عوضا عن وزارة التعليم العالى العراقية، قرارا يقضى بإلغاء كليات الآثار والفنون الجميلة، والقانون، والفلسفة، والعلوم السياسية، والرياضة والسياحة وإدارة الفنادق. وتم نشر بيان بهذا الخصوص على الإنترنت وتوزيعه كمنشور فى المدينة.

وألغى الديوان أيضا المواد المتعلقة بالديمقراطية والثقافة غير الإسلامية وحقوق الإنسان فى جميع الكليات، كما حرم دراسة الدراما والروايات، والإقراض، والانقسامات العرقية والجغرافية، وألغيت الأحداث التاريخية التى تخالف معتقداتهم. كما تم استبدال «جمهورية العراق» باسم «الدولة الإسلامية».

فى الوقت نفسه، تظهر ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية بعض المرونة تجاه الطلاب والأكاديميين فى محاولة للحفاظ على المواهب التى تحتاجها لتشغيل المدينة ودعم جيشها.

إذ سمحت الميليشيات للطلاب بإجراء الامتحانات النهائية فى كركوك وبغداد وكردستان ومناطق أخرى بعد تعهدهم أمام محكمة دينية بالعودة إلى الموصل وعدم انضمامهم لقوات البشمركة الكردية أو قوات الجيش العراقية التى تقاتل ضد ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية. لكن وبالرغم من هذه الإيماءات، أكد الأكاديميون فى الموصل، الذين تواصلت معهم الفنار للإعلام، صعوبة العيش تحت الحكم الشمولى لميليشيات التنظيم فى المدينة والجامعة.

•••

ولحل مشكلة نقص عدد الموظفين، وزع المتشددون إشعارات تدعو الأساتذة للعودة إلى العمل تحت تهديد مصادرة ممتلكاتهم فى حال امتنعوا عن ذلك.

قال أستاذ كلية الطب «فيما يخصنا كأكاديميين، فإننا أمام خيارات صعبة: إذا تركت الموصل، فستتم مصادرة منزلك والممتلكات الخاصة بك وقد يلحق الضرر بعائلتك أيضا»، مضيفا «غادر الأثرياء والأقليات فقط الموصل. بعض الناس، مثلى، لا يمكنهم المغادرة إذ لدى اقارب كبار فى السن ولا يمكننى تركهم لوحدهم. كما أننى لا أستطيع ترك منزلى لتقوم الميليشيات بحرق مكتبتى».

مع ذلك، يحاول العديد من الأساتذة العيش بصورة طبيعية فى ظل الحكم الشمولى لتنظيم الدولة الاسلامية.

قال أستاذ كلية الطب «اضطر العديد من عمداء الكليات لمباشرة العمل، ذلك أن ميليشيات الدولة الإسلامية تراقبهم وتمنعهم من إرسال الأسئلة عبر البريد الإلكترونى إلى مراكز الامتحانات فى محافظات أخرى. حيث يسأل بعض الأساتذة من خارج الموصل الأساتذة فى الداخل حول أسئلة الامتحان».

•••

وفى الوقت الذى لم تغير فيه ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية الظروف الأكاديمية تماما، إلا أنها خلقت أجواء مرعبة داخل الحرم الجامعى، حيث يتجول عناصر التنظيم مدججين بالسلاح مع وجود العديد من نقاط التفتيش وسريان الشائعات عن قنابل قد تنفجر فى الجامعة.

قال أستاذ كلية الطب «لم يتم تغيير المنهاج فى كلية الطب على الأقل». لكنه استدرك «تدار الجامعة من قبل جاهلين. تم كسر العديد من الأبواب داخل الجامعة وتمت سرقة أجهزة الكمبيوتر المحمول».

•••

يعمل على تنفيذ سياسة تنظيم الدولة الإسلامية فى التعليم العالى زعيم يُعرف باسم ذى القرنين، وهو مصرى درس إدارة التعليم فى ألمانيا وكان من ضمن المقاتلين فى البوسنة وأفغانستان والعراق قبل الانسحاب الأمريكى. كما كان نشطا فى سوريا قبل قدومه إلى الموصل.

وقال الأساتذة الذين اجتمعوا مع ذى القرنين إنه يعتقد أن تعليم الأطفال للقراءة والكتابة يجب أن يبدأ منذ سن الرابعة، ثم يبدأ تعلم العلوم الدينية فى الخامسة. أما فى سن الـ 15، فيتوجب على الطلاب تعلم حمل السلاح واستخدام الأجهزة الإلكترونية. وفى وقت لاحق، تقوم لجنة بتقرير مهنة الطالب بناء على قدراته.

أما خالد محمد جميل، الرئيس الجديد للجامعة الموصل والذى يقول البعض إنه يحمل توجهات مشابهة لتوجهات التنظيم، فقد أعلن ضرورة تركيز طلاب الجامعات على اللياقة البدنية والدين بحسب ما قال أستاذ للتاريخ رفض ذكر اسمه، مضيفا أن جميل يدعم ارتداء الطلاب والطالبات للزى الأفغانى منذ سن السادسة.

بدورها، رفضت طالبة الذهاب إلى الجامعة فى هذه الظروف، حيث قالت اسلام، البالغة من العمر 21 عاما والطالبة فى جامعة الموصل، إنها عادت مرة أخرى للموصل بعد تقدمها للامتحانات النهائية العام الماضى فى كركوك. وقالت إنها لن تتحمل العودة للجامعة، حيث أصبحت الماشية تتجول فى الحرم الجامعى والأماكن التى كان الطلاب يتخذونها للاستراحة. قالت «لن أذهب. لن يعترف أحد بدراستنا. أنتظر أن يحرر الجيش المدينة. وضع الجامعة مزرٍ. إنه من المؤسف أن نرى الحمير فى حدائق أكبر ثانى أكبر جامعة فى العراق».

اقرأ المقال الأصلي من هنا: تعرف على سياسات "داعش" الجامعية!

ينشر بالاتفاق مع مجلة «الفنار للإعلام»

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved