التفاؤل أم التشاؤم؟

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأحد 5 فبراير 2023 - 7:45 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن، دعا فيه إلى التحلى بـ«التشاؤل»، وهو مصطلح يتكون من كلمتين؛ التشاؤم والتفاؤل. المقصد هو أن يكون لدينا تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة، حتى نتمكن من تغيير العالم نحو الأفضل... نعرض من المقال ما يلى:
نشأنا على ثقافة الأمل، فحتى لو ضاقت الدنيا بالمرء، فإنه فى قرارة نفسه يؤمن «إن بعد العسر يُسرا». هناك حضّ دائم على عدم فقدان الإيمان بأن الأمور، حتى وإن ساءت، فإنها إلى انفراج: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، ولا ننسى البيت الشهير فى لامية العجم للطغرائى المتوفى سنة 514ه، والتى حاكى بها قصيدة لامية العرب للشنفرى الأزدى، وهو البيت الذى غدا بمثابة حكمة متوارثة: «أعلل النفس بالآمال أرقبها/ ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل».
ومن أدبنا الحديث ذاع صيت العبارة البليغة للأديب الراحل سعدالله ونّوس: «نحن محكومون بالأمل، وما يحدث الآن لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ»، والتى وردت فى ختام الكلمة التى كتبها بمناسبة اليوم العالمى للمسرح الموافق السابع والعشرين من مارس كل عام، بتكليف من «اليونيسكو» فى عام 1996 قبل وفاته بسنة، وبدا ونّوس بهذه الخاتمة كمن يردّ على الدعوات الزائفة التى راجت يومها بنهاية التاريخ.
وعلى هذه الشحنات العالية الداعية إلى التفاؤل والتمسك بالأمل، مهما قست الظروف وصعبت الأمور، سنجد من يقول العكس، وربما تستوقفنا هنا عبارة للبرتغالى خوسيه ساراماغو الحائز «نوبل» للآداب، والذى كتب يقول: «إذا كان ثمّة وسيلة لتحويل العالم نحو الأفضل فهى التشاؤم. المتفائلون لن يغيروا العالم أبدا».
ومن يقرأ جوانب من سيرة وأدب ساراماغو سيعرف أن دعوته للتشاؤم هنا، لا تدخل فى خانة تثبيط الهمم، وهو الداعى إلى التمرّد ما جعله محلّ تحفظ من الكنيسة والاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى. وحتى السلطات فى بلاده أمرت بإزالة إحدى رواياته من القائمة القصيرة لجائزة أدبية مرموقة، ما أصابه بخيبة أمل حملته على مغادرة وطنه والعيش فى جزر الكنارى حتى وفاته عام 2010.
يمكن أن ندرج مديح ساراماغو للتشاؤم فى خانة «التشاؤل»، وهى مفردة لم تكن موجودة فى حدود علمنا المتواضع على الأقل فى معاجم لغتنا، قبل أن يجترحها الأديب الفلسطينى الكبير إميل حبيبى فى روايته الشهيرة: «الوقائع الغريبة فى اختفاء سعيد أبى النحس المتشائل»، فى توصيف شخصية بطل روايته، فهو سعيد وأبو النحس فى آن واحد، حيث كتب حبيبى: «هذه الكلمة منحوتة من كلمتين: المتشائم والمتفائل.. هذه شيمة عائلتنا ولذلك سميت بعائلة المتشائل».
ويبدو لنا أنه تنطبق على «متشائل» إميل حبيبى حكمة أنطونيو غرامشى الداعية إلى «تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved