المرأة.. لـم تتعطـر بعـد

خولة مطر
خولة مطر

آخر تحديث: الثلاثاء 6 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

كانت إجابتى متلعثمة.. كثير ما نتلعثم ونتردد ونبحث عن إجابات لا تسخر من عقل من يسمعنا أو يشاهدنا.. ليس لكل سؤال جواب كما نتوقع بل هناك أسئلة كثيرة تنتظر الأجوبة طويلا طويلا كما نساء وطنى ينتظرن أن تعاد كتابة تاريخ بلدانهن بحبر معطر بهن وورق مزين بتضحياتهن لا يلامس الوردى أو الزهرى كما هو التصور بالنسبة للنساء بل ربما بالأحمر لأن كثير من نساء هذه الأوطان خاصة خلال هذا العام الحافل بالثورات قد قدمن دماءهن من أجل وطن لا تحتقر ولا تهان فيه النساء.. ولا يموت فيه الأمل..

 

●●●

 

فهل كان كما تمنين؟

 

هو عام مضى واقترب العالم من الاحتفال بيوم المرأة العالمى فى الثامن من مارس ـ أذار لنساء الكون.. عاد السؤال بالحاح فعدت للتلعثم والسبب أن تعود الذكرى من جديد ولكننا فى هذا العام نحتفل والثورات العربية (المنتصرة منها وتلك القابعة فى بحر الدم والتخوين والعقاب الأبدى).. كان الحوار بأكملة لأحد المحطات الإذاعية والسؤال الأزلى بماذا تحتفل المرأة العربية فى زمن الثورات؟ وبحثت عن الإنجازات فوجدت أن الأفضل أن نبقى على بصيص من التفاؤل وأن نعيد نحن نساء العرب من خليجه إلى محيطه ترديد أن نصيبنا من هذه الثورات كبير.. كانت هى الأولى عندما أطلقت الدعوة ثم عندما استجابت لها ومن بعدها عندما وقفت فى وجه أجهزة القمع وعندما اعتصمت بالميادين فيما ردد البعض ولايزال «من هى الفتاة التى تنام فى الميدان؟ «أو راحوا يبحثون عن العائلة والقبيلة ويرددون ربما «شرف البنت» لأنهم لايزالون حبيسين تلك الأقفاص شديدة الظلمة، حالكة إلا من قوائم الحلال والحرام التى رسمت حسب تعاريفهم وتقاليدهم وغلفت بالدين أحيانا وتارة بربطها بمفاهيم الشرف والرذيلة..

 

هى الأسئلة التى تفرض نفسها علينا حين نراجع عام بكثير من الدقة نبحث بين تفاصيل دقائق ولحظات هذا العام عن بصيص نور لتلك المرأة العربية الواقفة من أول صيحات ديك الصباح وحتى آخر ساعات المغرب تحرث وتزرع وتربى وتنشئ وتناقش وتحاور وترسم وتكتب وتساهم فى الاقتصاد والأهم من كل ذلك أنها تصبر حتى يتعب الصبر من صبرها.. هى الأسئلة الملحة التى تقول ماذا أنجزت المرأة أو ماذا قدمتم لها؟ أو أين أصبحت بعد الثورات؟؟ وفيما المذيعة تكرر السؤال وأنا أبحث عن الإجابة تذكرت مكالمة أخرى جاءت منذ أيام من أحد الزملاء بمنظمات الأمم المتحدة الذى كان يقوم ببعثة إلى إحدى الدول العربية حيث وقف على معاناة أهلها واستمع بإصغاء شديد لنسائها اللاتى آمن بأن الحرية تنتزع ولا تأتى بمكرمة.. وفيما هو يحاول حبس دموعه كانت هى تلك السيدة المربية تعرض بتفاصيل التفاصيل كيف تم اعتقالها وحبسها وانتهاك كرامتها وآدميتها فى تلك المدينة فيما وعلى بعد خطوات من ذاك العذاب تجرى الاحتفالات تلو الاحتفالات بالثقافة والحضارة والتقدم والنمو والازدهار حتى تعب المنافقون من التنقيب عن مفردات فى المعجم الصحاح أو المصباح المنير عن وصف بهير لتلك المدينة الفاضلة ومثلها مدن! كيف تتجاور الحضارة مع القمع؟ أو أن تكون هناك ثقافة وعلم دون كرامة؟

 

●●●

 

وفيما بقيت المرأة العربية تراقب الإحباط تلو الآخر خلال هذا العام وجماهير المواطنين الجدد تتجه إلى صناديق الاقتراع ومنهم طبعا النساء فيما تأتى النتائج مخجلة ومحزنة فها قد عمل الجميع على إعادة المرأة إلى فضاء رسموه هم لها، فى محاولة لأن تعود إلى القفص ذاك نفسه الذى كان فى زمن القمع والذل والرعايا لا المواطنين.. ولم تكن الخيبة الأولى والأخيرة فى الانتخابات وإنما توالت تباعا فعند تشكيل الحكومات الجديدة التى جاءت من رحم الثورات ونتيجة لها جاءت بمجملها منزوعة النساء.. وكأنها المؤامرة تعيد تكرارها وكأن المرأة تدفع ثمن مشاركتها ووقوفها فى الصفوف الأمامية وأن تكون من أوائل من كسروا حاجز الخوف ورفع الحجاب عن العقول وفتحوا السماء ليكون فضائهن هو الكون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved