موكب التاريخ والحضارة رسالة للحاضر..

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الإثنين 5 أبريل 2021 - 1:00 م بتوقيت القاهرة

** «مصر تقيم حفلا رائعا لنقل 22 مومياء بما فى ذلك الملكة نفرتارى إلى مثوى جديد فى المتحف ــ بعد 3000 عام من دفنها فى وادى الملوك».
** هكذا تحدثت صحيفة الديلى ميل عن موكب المومياوات الملكية. هذا الحدث التاريخى الذى كان عنوانا للحضارة المصرية. وتناولت العديد من المواقع الإخبارية الأجنبية وصحف العالم بكل لغاتها الموكب الرائع.. وأضطر ــ أسفا ــ إلى الاستعانة بشهادة الأجانب، فى تكرار لظاهرة أرجو أن ترحل من العقل المصرى. لم نعد فى حاجة لتلك الشهادة. ماذا كانت شهادتنا نحن؟ انظروا إلى مواقع التواصل الاجتماعى واقرأوا فرحة المصريين بالحدث. فرحتهم بتنظيم فى غاية الروعة، وبتحركات الجموع المهيبة فى شوراع القاهرة، وبهذا المزيج الجميل بين البث الحى، اللايف، وبين البث المسجل، واحترام عقل المشاهد بالإشارة إلى ما هو مسجل.. وكم كان العزف لأوركسترا القاهرة بديعا بقيادة المايسترو القدير نادر عباسى، وألحان العبقرى الموهوب هشام نزيه.. وهذا الغناء باللغة المصرية القديمة، وكما قال عباسى: «الأغانى من كتاب الموتى، وتمت الاستعانة بأساتذة علم المصريات للنطق الصحيح للغة المصرية القديمة»..
** مصر عظيمة، وحضارتها عظيمة، والحفل كان عالميا. وجعلنا نعيش ليلة تستحق الفرحة والفخر. وشكرا لكل من ساهم فيها. شكرا للرئيس والدولة والوزير خالد العنانى والوزراء، وجميع الفنانين قوتنا الناعمة. وكما قال وزير السياحة والآثار خالد العنانى: «هدفنا هو أن نكون حاضرين فى نفس الوقت فى كل بيت فى جميع أنحاء العالم».
** إنه حدث آخر تقدمه مصر بأعلى صور الإتقان الفنى والتكنولوجى. حدث آخر يستحق كلمة الإنجاز. منذ حفر قناة السويس فى عام بأموال وشركات مصرية، كان عنوانا لفكرة إحياء الإرادة المصرية والثقة فى قدرتنا وفى أنفسنا. وهى رسالة تتكرر كل يوم، من أحداث رياضية مثل كأس الأمم الإفريقية 2019، وبطولة العالم لكرة اليد، وبطولتى العالم للرماية والسلاح، وحفلات إجراء القرعة فى الأهرامات وفى قصر المنتزه بالإسكندرية، وكثير من المواقع التى تعرض قوة مصر الناعمة وحضارتها التى سبقت حضارات، ونهضتها التى سبقت دول فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر..
** الفرحة تكررت. فقبل أيام عاشت مصر فرحة الانتصار على أزمة سفينة إيفرجيفن، بأيد وبعقول مصرية، وصحيح أن البعض أراد أن ينسب الفضل إلى شركة هولندية، فى ظاهرة مؤسفة قديمة، بأننا لا نستطيع. وأمثال هؤلاء لايدركون كيف حقق الجيش المصرى ملحمة عبور نفس القناة فى وقت توقعت فيه دول عظمى بأن العبور هو المستحيل بسبب المانع المائى وخط بارليف الذى اخترقه الجيش بفكرة عبقرية لمهندس مصرى.. ولا يهم هؤلاء الذين يحركهم الشك فى كل شىء، ويكفى يقين فرحة الأغلبية من المصريين الذين يرون «مصر الجديدة» قادمة بإذن الله، بمشاريع تدق فيها آلاف المعدات ربوع الجمهورية، بالعاصمة الإدارية، بطرق، وأنفاق، ومدن، ومطارات، ومزارع، ومتاحف، وتطوير للتعليم وعلاج للصحة، وغير ذلك من أعمال بناء فى كل شبر موقع. بناء يختصر فى أنه للمستقبل وللأجيال القادمة..
** الرسالة من هذا كله واضحة، علينا أن نثق فى أنفسنا وفى قدراتنا. وأننا لن نظل نتكئ على عصا التاريخ العظيم لحضارتنا، وإنما علينا أيضا أن نرى حاضرنا جيدا، وأن ندرك أننا شعب يستطيع..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved