القاضى موظف محترم

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 5 مايو 2011 - 8:42 ص بتوقيت القاهرة

 مرة أخرى تأتى تصريحات القاضى أحمد الزند رئيس نادى القضاة فى «الشروق» نفسها عندما قال «ومحدش يحاول يتكلم فى حقنا لأنه لن يصل إلى مكانتنا حتى يوم القيامة» وكأن القضاة بشر غير البشر رغم أن الواقع والعقل يقول إن القاضى هو فى حقيقة الأمر موظف وكله الشعب فى تحقيق العدالة بين أفراده ويعطيه مقابل هذا العمل الأجر والحصانة والاحترام والتقدير.

فعدالة القاضى فى الحكم ليست منة ولا منحة يقدمها للمتقاضى ولكنها واجبه الوظيفى تماما كما أن واجب الطبيب مداواة المرضى بالشكل المناسب وواجب المدرس شرح الدروس للتلاميذ وتهذيب أخلاقهم وواجب لاعب الكرة إحراز الكأس.

إن القضاء له كل التقدير والاحترام لكنه يظل فى نهاية المطاف أحد مرافق الدولة التى يتحمل دافع الضرائب تكاليف تشغيله، لذلك يجب ألا يتعالى قاضٍ مهما علا قدره على أفراد الشعب لأنهم فى النهاية هم من يدفعون له أجره ومن يضمنون له حصانته.

لذلك فإن إصلاح القضاء المصرى وتوفير ضمانات استقلاله التام ليس شأنا قضائيا يخص القضاة وإنما هو شأن عام يخص كل أفراد الشعب. فأضرار القضاء غير المستقل، ونحمد الله أن قضاءنا ليس كذلك: لا تصيب القضاة بقدر ما تصيب المتقاضين.

ولا يمكن أن نقبل برأى رئيس نادى القضاة الذى يريد تغيير قانون يهدف إلى ضمان حد أدنى من الكفاءة العلمية فيما يتبوأ مقعد القاضى من خلال اشتراط حصول الراغب فى الالتحاق بالنيابة العامة على تقدير جيد على الأقل فى دراسته الجامعية.

وحسنا فعل العديد من القضاة الذين أعربوا عن رفضهم لرأى رئيس نادى القضاة لأنهم بهذا عززوا ثقة الشعب فى إخلاص غالبية القضاة للمهنة بعيدا عن أى حسابات.

ورغم كل شىء فإن دعوة القاضى الزند إلى إعادة النظر فى قانون القبول فى النيابة العامة ليست شرا مطلقا بل إنها قد تكون خيرا وفيرا إذا لم تقتصر على ضرورة فتح الباب أمام أنصاف الخريجين من أصحاب «المقبول» و«الضعيف» لكى يلتحقوا بواحدة من أقدس المهن وإنما يمتد الأمر إلى ضرورة الاتفاق على مجموعة من المعايير التى تضمن العدالة المطلقة فى اختيارات أعضاء النيابة فلا نجد كل عام العشرات من أوائل كليات الحقوق الحاصلين على أعلى التقديرات وقد وقفوا أمام دار القضاء العالى يصرخون مما لحق بهم من ظلم لأنهم من أبناء عامة الشعب فلم تشفع لهم تقديراتهم العالية ولا اجتهادهم طوال سنوات دراستهم فى الدخول إلى بلاط «صاحبة العدالة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved