اللغة أم الفكرة.. أيهما أكثر أهمية؟

سامح مرقص
سامح مرقص

آخر تحديث: الخميس 5 مايو 2022 - 6:55 م بتوقيت القاهرة

هذا الموضوع لفت انتباهى وأنا أقرأ كتاب محمد شعير عن منع نشر كتاب نجيب محفوظ «أولاد حارتنا»، حيث تعرَّض المؤلف لمقالات من النصف الأول من القرن الماضى تناقش سبب عدم حصول كاتب أو شاعر مصرى أو عربى على جائزة نوبل فى الأدب مثل أحمد شوقى وحافظ ابراهيم وخليل مطران وإبراهيم المازنى، وغيرهم من عمالقة الشعر والأدب العربى، بينما تم تكريم الشاعر الهندى تاجور بهذه الجائزة عام 1913، أجاب عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين على هذا التساؤل بقوله إن تاجور استطاع أن يقدم شعرا إنسانيا لا يحتقر العقل ولا يستسلم للخيال، مما أثار إعجاب الغرب وأيضا الشرق القديم، بينما أعمال الأدباء العرب رغم تميزها اللغوى لا تحمل أفكارا فلسفية ولا تهتم بالعالم الواقعى العقلانى.
استطاع نجيب محفوظ أن ينطلق من الاهتمام المحلى إلى التقدير العالمى ليس لأسباب لغوية، وإنما بسبب الأفكار الجريئة والمهمة التى طرحها فى كتاباته عن المشاكل الاجتماعية، واستخدام الرمزية الفلسفية فى بعض الكتب مثل كتاب ملحمة الحرافيش وكتاب أولاد حارتنا.
يتميز نجيب محفوظ عن كل الأدباء العرب بدراسته فى الفلسفة، فقد تخرج فى كليه الآداب، قسم الفلسفة، جامعة القاهرة عام 1934، كان لفهمه العميق للنظريات الفلسفية تأثير واضح على كتاباته وقدرته على طرح مشاكل وجودية برمزية رائعة.
فى احتفال تقديم جائزة نوبل فى الأدب لعام 1988 إلى نجيب محفوظ، قال بروفيسور ستور ألين من الأكاديمية السويدية فى كلمته:
«نجيب محفوظ له مكانة لا مثيل لها كمتحدث باسم الأدب العربى، فقد حقق فى فن الرواية والقصة القصيرة معايير التميز الدولية، نتيجة توليفة من التقاليد العربية الكلاسيكية والإلهام الأوروبى والفن الشخصى».
يدعونا عمل نجيب محفوظ الثرى إلى إعادة النظر فى الأشياء الأساسية فى الحياة مثل طبيعة الوقت والحب، والمجتمع والأعراف، والمعرفة والإيمان، وقد قدم هذه المواضيع فى مجموعة متنوعة من المواقف بجرأة واضحة وتعبير لغوى تجاوز حاجز اللغة، وهكذا يعود الفضل إلى نجيب محفوظ فى تشكيل فن سرد عربى ينطبق على البشرية جمعاء».
لا شك أن القدرات اللغوية لها أهمية على المستوى المحلى ولكن تفقد تأثيرها القوى مع ترجمة التعبيرات اللغوية الرائعة إلى لغة أخرى، على النقيض الأفكار يستمر تأثيرها بدون حواجز لغوية وتنتشر من لغة إلى أخرى بدون أن تفقد معانيها أو تضعف من قيمتها، اللغة الجميلة هى للاستمتاع المحلى ولكن الأفكار الجيدة تنتشر عبر الثقافات واللغات بدون حواجز ولا أحد يستطيع طمسها.
الإجابة عن السؤال الذى طرحته «اللغة أم الفكرة، أيهما أكثر أهمية؟» بلا شك فى رأيى المتواضع الفكرة أكثر أهمية، واللغة مهما كانت رائعة والتحمس المحلى لها لا تعبر الحواجز الجغرافية بنجاح!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved