عن طريق الأخت باكينام

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 5 يونيو 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

«دكتورة باكينام اتفضلى ديرى الجلسة»، فالتاريخ لن يعثر على مشهد أكثر عبثية وتهريجا من الحوار الوطنى الإخوانى فى طبعته الإثيوبية على الهواء مباشرة.

 

مساء الأحد عرض الرئيس مرسى «رؤيته عن السد» على أصدقائه، وليس فيهم، أستغفر الله، خبير رى أو زراعة أو علاقات خارجية. ليس فيهم من يميز بين الجغرافيا السياسية ومسارات التاريخ وخطب الجهاد. نقرأ بتهمل قائمة الحوار الإخوانى: الجماعة الإسلامية، والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وأحزاب الفضيلة والأصالة والوطن والإصلاح، والتغيير والتنمية، والشعب، والتوحيد العربى. من خارج الأحزاب حضرت جماعة أنصار السنة والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والجمعية الشرعية، وبضعة مسئولين، مثل وزير الأوقاف، وبضعة رموز بلا صفة رسمية، مثل «المفكر» محمد عمارة الذى ينفق عمره فى ملاحقات طائفية ضيقة الأفق لعقائد الآخرين.

 

بعد ساعات تفرجت «أمة لا إله إلا الله» على مهزلة الحوار فى القصر فى بث مباشر. «نحن بصدد قضية أمن قومى يتعلق بشريان حياة، هو النيل»، هكذا بدأ الرئيس، وهو يستعرض علينا مهارات إنشائية أكل عليها الدهر وشرب، قبل أن يسلمنا، نحن جمهور البيوت وضيوف المائدة البيضاوية، إلى خالد قزاز.

 

لا، ليس خبيرا فى الرى أو الدبلوماسية، إنه مساعد سابق للشاطر، وحالى للرئيس، وابن مخلص لجمهورية كندا، فيها تعلم، ومنها يحمل شهاداته وجواز سفره، وإليها الموعد بعد أن تنتهى العملية «نهضة».

 

خبير التسويق عمرو خالد تحدث عن «خمس ست محاور كدا تشتغل مع بعض، أولها محور الحوار والدبلوماسية، تانى حاجة لوبى دولى ونجيب شركة بى آر عالمية، يكون أصلها مصرى. إنها قضية يصلح أن يجتمع عليها الشعب، وسهل بيعها وتسويقها، نجيب زويل ومجدى يعقوب وعمرو خالد...»، آه والله، عمرو خالد يقترح اننا نجيب عمرو خالد.

 

الخبير العمومى مجدى أحمد حسين نصح بالحكمة والهدوء والسكون، «ونقسم ألا نسرب للإعلام ما يجرى هنا إلا عن طريق الأخت باكينام»، فالرجل الطيب لم يعلم أنه على الهواء.

 

الرئيس، وهو شرقاوى أريب، كان يعرف، فأراد أن يستعرض عنصر القوة فى سيرته الذاتية، الهندسة، وأتمنى أن يصبر القارئ على كلمته، كما صبرت على تفريغها من يوتيوب.

 

«أنا عاوز أوضح نقطة يعنى هندسية شوية، انتم عارفين فى المشروعات فيه مالك ومقاول واستشارى، المالك هو الدولة، أثيوبيا، والمقاول شركة من إيطاليا أظن، والاستشارى دا مكتب استشارى دولى، فمعظم المعلومات التى، كما رأيت أنا، يعوّل عليها المالك تأتى إليه من المقاول اللى هو صاحب مصلحة، عشان واحنا بنبص على الموضوع نبقى عارفين حجمه قد ايه».

 

نستطيع أن نتخيل حجم الكارثة التى دخلتها مصر على يد الإخوان، ونحن نرى مرسى وشركاءه يتخبطون فى أول شبر مياه من سد النهضة، ويعجزون عن فهم ما يجرى سياسيا وإنسانيا وعسكريا، ولا حتى هندسيا، فهم أصغر من امتحان السد بكثير. ولا يجب أن نطمئن لمجرد أن «مصر هى هبة النيل، والنيل هبة الله سبحانه وتعالى، وبالتالى هبة الله لا يستطيع أحد أن يمنعها أو أن يعوقها»، كما قالها مرسى، الله يسامحه.

 

ليست مشكلة هذه الخيبة أنها كانت على الهواء، المشكلة أنها كانت خيبة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved