الديمقراطية التعاقدية

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الأربعاء 5 يونيو 2013 - 10:23 ص بتوقيت القاهرة

تتطلب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التى تتفاقم يوما بعد يوم، منهجا جديدا للتعامل معها غير منهج «الغلبة» من جانب الحكم، و«الاحتجاج» المستمر من جانب المعارضة دون أن تتشكل مساحة وسط يلتقى عندها الطرفان.

 

البداية تكون باعتراف الطرفين بالحاجة إلى تسوية الأزمة التى بدأت منذ منتصف نوفمبر الماضى، وتتراكم وتتعقد دون أن نجد لها حلا. الاعتراف من جانب الإخوان المسلمين، وحلفائهم يعنى التخلى عن نهج «فرض الأمر الواقع»، ومحاولة لى ذراع المجتمع السياسى بدعوى مواجهة المؤامرة وبناء المؤسسات، والاعتراف من جانب المعارضة يقتضى التخلص من انتظار لحظة رحيل الحكم بالفعل الثورى حتى لو انزلقت البلاد إلى هوة اقتصادية وسياسية وأمنية شاملة.

 

النهج الإخوانى يمدد حالة عدم الاستقرار، وأسلوب المعارضة يقود إلى «فائض العند»، ويحمل مخاطر تهدد كيان الدولة ذاته. صوت الحكمة ينبغى أن يستيقظ الآن وليس غدا.

 

هناك «الديمقراطية التعاقدية»، وهى أحد الترتيبات السياسية التى تلجأ إليها الدول فى مرحلة الانتقال الديمقراطى، وتقوم على اتفاق أطراف العمل السياسى ـ بما فيها من كان فى النظام السابق ـ على قواعد اللعبة السياسية، وتصفية التناقضات السابقة، والخروج من حالة الاحتراب.

 

التعاقد ـ فى الحالة الراهنة ـ ينبغى أن يبدأ من إدراك أن المرحلة التى نشهدها «انتقالية» يوجد فيها رئيس منتخب تحيط به سهام النقد بحق وبغير حق، ويشكك البعض فى شرعيته السياسية، ويدعو البعض الآخر لإسقاطه، وإلى جانبه حكومة ضعيفة، ومجلس تشريعى مؤقت، لم يسلم هو الآخر من الطعن، وآخره حكم المحكمة الدستورية التى ألحقت بقانون انتخابه البطلان، وجعلته باقيا على سبيل الاضطرار الدستورى إلى حين انتخاب مجلس النواب.

 

وطالما أن الدستور لم يحمل فى ذاته صيغة تعاقدية مرضية مقبولة من كل الأطراف يكون التعاقد السياسى الآن ضرورة، وفرضا واجبا إلى أن يتحول إلى دستور مكتوب بعد أن يكتمل بناء المؤسسات.

 

التعاقد يشمل أربع نقاط أساسية، أولاها، الاتفاق على مواد الدستور التى ينبغى تعديلها، ووضع جدول زمنى وآليات واضحة للتعامل معها. وثانيتها، وضع أجندة تشريعية لمجلس الشورى خلال المرحلة القادمة، وثالثتها، التوافق على قانونى انتخاب مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، ورابعتها، وضع ضمانات كفيلة بإجراء انتخابات حرة نزيهة، لا تكتفى بما يتضمنه القانون، ولكن بما يضمن حياد أجهزة الدولة خلال العملية الانتخابية.

 

إذا حدث اتفاق بين الأطراف السياسية، نبدأ مرحلة جديدة نمهد فيها الأجواء لإجراء انتخابات مجلسى النواب والشورى، ويتأسس حوار جاد بين القوى السياسية حول المشكلات الأساسية من خلال لجنة دائمة تضم ممثلى الأحزاب السياسية أسوة بما هو قائم فى دول ديمقراطية أخرى، ويتوقف القصف الإعلامى والسياسى المتبادل، وتبدأ أجهزة الدولة بالعمل فى أجواء توافقية تتراجع خلالها الحرب الأهلية بين سلطات الدولة، ويزول تدريجيا الاستقطاب السياسى.

 

هل لايزال هناك أمل فى ذلك؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved