نصائح أمريكية للرئيس أوباما

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الجمعة 5 يونيو 2015 - 9:30 ص بتوقيت القاهرة

أشار تقرير نشر منذ أيام على الرئيس الأمريكى بضرورة تغيير الاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط كى تقابل التغيرات المتسارعة والدراماتيكية التى تشهدها المنطقة والتى تتطلب معها أن تغير واشنطن من تكتيكاتها وأهدافها بصورة سريعة ومرنة. كتب التقرير مجموعة تضم مسئولين سابقين خدموا فى إدارات جمهورية وديمقراطية مثل مستشارى الأمن القومى السابقين، صمويل بيرجر (إدارة بيل كلينتون) وستيفن هادلى (إدارة جورج بوش)، وضمت كذلك السفير الأمريكى السابق فى العراق وتركيا جيمس جيفرى، ودينيس روس المفاوض الأمريكى السابق فى قضايا الصراع العربى الإسرائيلى، إضافة إلى المدير التنفيذى لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى روبرت ساتلوف، وهو المعهد الذى صدر منه التقرير، ويعرف عن المركز قربه الشديد من مؤسسات اللوبى اليهودى داخل الولايات المتحدة.

•••

نبه التقرير إلى حاجة واشنطن إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع انهيار نظام الدولة فى المنطقة ومواجهة النفوذ المتزايد للمتطرفين السنة والشيعة على حد سواء. ويحذر التقرير من أى تحالف مفترض مع إيران إذ إنه قد يهدد العلاقات المهمة لواشنطن فى حربها ضد الارهاب العالمى والذى تلعب فيه الشراكة مع الدول والشعوب العربية السنية دورا مهما. إلا أن أهم ما أشارت إليه توصيات التقرير يتعلق بضرورة مساعدة أمريكا دول المنطقة للحفاظ على هياكل الدول ونظام الدولة الذى عرفه الشرق الأوسط منذ حصول دوله على الاستقلال خلال النصف الأول من القرن الماضى. ويذكر التقرير أن انهيار نظام الدولة من شأنه أن يضع واشنطن فى مواجهة تهديدات جديدة لا ترتبط بمصالح أمريكية. وطالب كاتبو التقرير بتبنى استراتيجية تحافظ على «نظام الدولة فى الشرق الأوسط، وتواجه تنظيم داعش، وتهزمه، وتطمئن الزعماء السنة الرئيسيين، وتتصدى للإيرانيين». وترتبط الأهداف السابقة «بقدرة واشنطن على إضعاف الإسلاميين المتطرفين، سواء كانوا من السنة أو الشيعة» كما ذكر التقرير.

•••

وبخصوص إيران، ترى توصيات التقرير أنه من المنطقى عقد اتفاق نووى شامل «إذا كان يسمح لإيران بامتلاك برنامج نووى سلمى ولكن يحظر عليها امتلاك القدرة التى تخولها أن تصبح دولة تمتلك أسلحة نووية». وفى سياق التوصل إلى اتفاق نهائى دفع التقرير بضرورة توفير سبل ملموسة لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة من العرب حول الالتزام الأمريكى بأمنهم. وتناول التقرير إيران أيضا من خلال ضرورة مواجهة نفوذ الميليشيات الشيعية داخل العراق المدعومة من إيران ويحذر من التعاون الأمريكى الإيرانى فى المعركة ضد المتطرفين السنة الأصوليين. ويعتبر التقرير أنه «فى نهاية المطاف، إذا كانت الولايات المتحدة تأمل فى تعبئة السكان العرب السنة فى العراق وسوريا لمعارضة داعش، لا يمكن لإيران أن تكون حليفا مفترضا، حيث إن مثل هذه الشراكة ستحول دون أى جهد سنى جاد لنزع شرعية تنظيم داعش. وأشار التقرير إلى أن القوات البرية الأمريكية ليست هى الحل لهزيمة داعش، بل إن الأنسب «حملة جوية أمريكية إلى جانب قوات برية عربية محلية، تقام بمساعدة ودعم من أعداد كبيرة من المستشارين الأمريكيين وأفراد القوات الخاصة الأمريكية». وعن سوريا طالب التقرير بضرورة العمل مع شركاء محليين لإيجاد ملاذ آمن داخل سوريا، وذلك من أجل استعادة مصداقية واشنطن وإتاحة إمكانية بناء معارضة أكثر تماسكا يمكنها فعليا أن تغير ميزان القوى على الأرض.

•••

وعن مصر، طالب كاتبو التقرير بضرورة تعزيز العلاقات مع النظام الحاكم فى القاهرة، حيث إنهم يعتقدون أنه من «غير الممكن اعتماد استراتيجية تهدف إلى تعزيز نظام الدولة فى الشرق الأوسط من دون الحرص على قيام علاقات فاعلة بين الولايات المتحدة ومصر». وركز التقرير على ضرورة تقوية العلاقات العسكرية ــ العسكرية بين القاهرة وواشنطن بحيث تصبح مرة أخرى أساسا قويا للعلاقات بين الدولتين، وأن تصبح الأساس الذى يمكن لواشنطن من خلال أن يكون لها نفوذ فى مصر خاصة بعدما شهدت العلاقات بينهما تدهورا خلال السنتين الأخيرتين.

وامتدح التقرير رفع الحظر عن المساعدات العسكرية لمصر، رغم حثه الإدارة الأمريكية على ضرورة عدم التوقف عن انتقاد سجل القاهرة فى مجال حقوق الانسان والحريات وفتح المجال أمام المجتمع المدنى. وحذر التقرير من ترك النظام المصرى يتبنى سياسات داخلية تضره وتضر مصر، وأشار إلى ضرورة أن تستغل واشنطن نفوذها لدى دول الخليج العربى التى لها نفوذ اقتصادى كبير على القاهرة للتأثير فى السياسات الاقتصادية الحكومية. وحث التقرير الرئيس الأمريكى على فتح قنوات اتصال رفيعة المستوى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى للتعبير عن القلق الأمريكى من نتائج السلوك الحكومى المصرى تجاه «التضييق على المجتمع المدنى، والقبض على غير الإسلاميين، وغلق المجال العام أمام الأنشطة السياسية وأمام المعارضين». وطالب التقرير فى النهاية بضرورة تعميق الشراكة الأمنية خاصة فيما يتعلق بتهديدات لمصر يأتى على رأسها تنظيم الدولة الإسلامية داعش سواء فى سيناء أو فى ليبيا.

•••

وفيما يتعلق بإسرائيل، حث التقرير الإدارة الأمريكية على الاتصال بهدوء بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، على أن يتم ذلك من خلال شخص من خارج الإدارة الأمريكية يكون قريبا من الرئيس أوباما. ويرى معدو التقرير أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل «مهمة للغاية بالنسبة لكل طرف وهى بمثابة دليل ريادى على الالتزام الأمريكى تجاه حلفاء واشنطن فى المنطقة، لدرجة أنه لا يجب السماح بتدهورها أكثر مما هى عليه الآن».. وهكذا يسوق التقرير لوجود شروخ فى العلاقات بين أمريكا وإسرائيل، بل ويطالب بضرورة ترميم هذه العلاقات متجاهلا هنا ما أقدمت عليه الادارة الأمريكية أخيرا من اقتراح زيادة المساعدات السنوية لإسرائيل لتزيد عن ثلاثة مليارات دولار سنويا، إضافة لتعاقدات على أحدث ما تنتجه المصانع العسكرية الأمريكية من عتاد وسلاح آخرها المقاتلة F35، هذا مع تعاون استراتيجى وتكنولوجى ومخابراتى بمعدلات وطبيعة ليسا لها سوابق فى التاريخ الأمريكى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved