ما على بايدن توقعه بعد مغادرة نتنياهو السلطة

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: السبت 5 يونيو 2021 - 7:25 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع بوليتيكو مقالا للكتاب دانييل كورتزر وآرون ميلر وستيفن سيمون، رأوا فيه أن مغادرة نتنياهو للسلطة سيعطى بايدن فترة هدوء نسبى لن تستمر طويلا، فحكومة الائتلاف المتوقعة هشة ورئيس الحكومة القادم يمينى وأكثر تعصبا من نتنياهو... نعرض منه ما يلى:
بعد أكثر من عقد، يبدو ولأول مرة أن بنيامين نتنياهو سيغادر السلطة. ما ظنه الكثيرون من أن الحرب الصغيرة الأخيرة مع حماس ستصب فى صالح نتنياهو وتقوض جهود استبداله قلبت الموازين وأحدثت مفاجأة فى السياسة الإسرائيلية.
يوم الأربعاء الماضى، قبل منتصف الليل بقليل، أبلغ رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد الرئيس الإسرائيلى أنه شكل ائتلافا من ثمانية أحزاب يتضمن لأول مرة حزبا عربيا إسرائيليا. وفقا لما اتفق عليه الائتلاف، سيشغل نفتالى بينيت زعيم حزب «يمينا» منصب رئيس الوزراء أولا، يليه يائير لابيد فى عام 2023. الخطوة القادمة تتطلب موافقة الكنيسيت على هذه الصفقة، وإذا لم يكن هناك أى تطورات غير متوقعة، سينهى ذلك حكومة نتنياهو التى استمرت 12 عاما فى غضون أسبوعين.
ستعد الحكومة الجديدة فترة راحة للرئيس الأمريكى المنهمك بمشاكل دولته الداخلية والراغب فى تفادى الصراع مع إسرائيل. سينشغل نفتالى بينيت، رئيس الوزراء الجديد، بإدارة هذا التحالف الصعب. ومن المحتمل أن يحرص بينيت على تهدئة التوترات مع واشنطن، ويبتعد مؤقتا عن هوس نتنياهو بعرقلة الاتفاق النووى، ويمتنع عن استفزاز الفلسطينيين.
سيتمتع فريق بايدن ببضعة أشهر من الهدوء بشأن القضية الفلسطينية والاتفاق النووى الإيرانى مع وجود الجمود فى الكنيسيت ورغبة إسرائيل فى تلطيف علاقتها مع واشنطن. ولكن يجب ألا تنسى إدارة بايدن أن بينيت متعصب يمينى أكثر من نتنياهو، وقد تشكل آراؤه المتشددة مشكلة فى مرحلة ما... سيستبدل نتنياهو بنسخة أكثر تعصبا وأقل ذكاء من الناحية السياسية. سيتعين على بينيت أن يحافظ على معتقداته المتعلقة بالضم والمعارضة الشديدة لقيام دولة فلسطينية. ستواجه حكومته الائتلافية معارضة قد تقيد، ولكنها لن تقضى على، الدوافع اليمينية لرئيس الوزراء وشركائه المحافظين.
شركاء بينيت اليساريون، وبالأخص يائير لابيد الوسطى، يمسكون بمفتاح بقائه. والقائمة العربية الموحدة لها آراء قومية قوية مثلما الحال مع آراء بينيت. مقابل الوعود بدعم التشريعات والميزانية، ستصوت القائمة العربية الموحدة مع الائتلاف فى حال التصويت بعدم الثقة. ولذلك قد تنهار الحكومة فى مرحلة ما، علما بأن متوسط فترة الحكومات الإسرائيلية أقل بقليل من عامين. لكن فى الوقت الحالى، هناك حافزان قويان يحافظان على تماسكها: تجنب إجراء انتخابات خامسة والتخلص من نتنياهو.
***
سيعمل بينيت ولابيد على تطبيع العلاقات مع إدارة بايدن والجالية اليهودية الأمريكية. سيبحثان، وخاصة لابيد، عن طرق لإصلاح العلاقات مع الديمقراطيين والبقاء على العلاقات الودية مع الجمهوريين، وهذه تشكل مهمة صعبة مع محاولات التقدميين داخل الحزب الديمقراطى دفع بايدن إلى أن يكون أكثر صرامة مع إسرائيل. الجمهوريون، من جانبهم، سيفعلون كل ما فى وسعهم لمنع تقارب حزبهم مع حكومة بينيت.
سيواجه التحالف الإسرائيلى الجديد أيضا تحدى إعادة بناء العلاقات مع الجالية اليهودية الأمريكية. ما يمتلكه الائتلاف من ميزة هو خلوه من الأحزاب الدينية المتطرفة، وبالتالى سيتمكن بينيت من تخفيف سيطرة تلك الأحزاب على العديد من جوانب الأحوال الشخصية فى الحياة اليهودية، مثل الزواج والطلاق. هذا سيجذب غالبية اليهود الأمريكيين فى الحركات المحافظة والإصلاحية.
فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بينيت أكثر تشددا من نتنياهو. سيحتاج بينيت إلى مواصلة بعض النشاط الاستيطانى فى الضفة الغربية للحفاظ على الدعم داخل حزب «يمينا» وحزب «الأمل الجديد» بزعامة جدعون ساعر، ولكن بدون أن يثير غضب اليسار لأن الائتلاف يتضمن حزبين ملتزمين بحل الدولتين ويعارضان المستوطنات والضم وهما «حزب العمل» وحزب «ميرتس».
لن يكون بينيت قادرا على الانحراف ناحية اليمين نظرا لحاجته الاحتفاظ بدعم حزب منصور عباس الإسلامى، فالدعم الضمنى للقائمة العربية الموحدة ضروريا للحفاظ على تماسك التحالف. ليس من الواضح ما إذا كان بينيت واليسار قادرين على التعامل مع هذا الوضع، خاصة إذا سعى اليمين المتطرف إلى استفزاز الفلسطينيين، أو إذا قررت حماس العودة إلى المواجهة مع إسرائيل.
***
هذا قد يؤدى إلى فترة هدوء على الأرض، خاصة فى غزة. يرى اليسار أن سياسات نتنياهو عززت من قوة حماس على حساب السلطة الفلسطينية. التحالف الجديد قد يعكس سياسات نتنياهو والتحرك نحو نهج أكثر تنظيما يتماشى مع سياسات وأولويات مجتمع المانحين الدوليين. على الرغم من صعوبة قضية إعادة إعمار غزة، فإن سياسة الحكومة الجديدة فى الضفة الغربية ــ حيث من المرجح أن يزيد بينيت من النشاط الاستيطانى ــ تشكل تهديدا كبيرا للتحالف الهش.
أما بخصوص الاتفاق النووى الإيرانى، من المرجح أن تتوخى الحكومة الجديدة الحذر مخافة من إغضاب إدارة بايدن. عمل المفاوضون الأمريكيون فى فيينا لأسابيعــ بشكل غير مباشر من خلال الأوروبيين ــ على إحياء الاتفاق وإعادة القيود المفروضة على برنامج إيران النووى. لو بقى نتنياهو فى السلطة، ربما ستحول هذه القضية التوترات القائمة بين إسرائيل وواشنطن إلى أزمة كاملة.
لذلك، على الرغم من أن بينيت نفسه سيظل متشددا بشأن إيران، فمن المحتمل أن يمنح الائتلاف الجديد بايدن الوقت والمساحة لعقد اتفاق نووى. من الناحية العملية، يستلزم ذلك تقليل الضغط ضد الصفقة فى الكونجرس، وربما تعليق الهجمات الإسرائيلية على الأراضى الإيرانية فى الوقت الحالى، مثل اغتيالات العلماء. قد ينطوى هذا النهج على مخاطر قليلة نسبيا بالنسبة للحكومة الجديدة، لأن المفاوضات بشأن الصفقة الجديدة قد تنهار على أى حال.
ولكن، هذه المشكلة لن تذهب إلى أى مكان. فما قام به نتنياهو خلال سنوات من تشويه للاتفاق الإيرانى جعل الإسرائيليين يعتقدون أنه لا يزال هناك اتفاق أفضل يمكن الوصول إليه. يجادل العديد من الإسرائيليين بأن الخطورة ليست فقط طموحات إيران النووية، ولكن أيضا تطويرها الصاروخى وتدخلاتها فى النزاعات الإقليمية. لذلك، بالنسبة للكثيرين، بمن فيهم بينيت، فإن الصفقة النووية ــ حتى تلك التى جردت إيران من حقها فى التخصيب إلى الأبد ــ لن تكون كافية. وبالتالى من غير المؤكد أن تطور فترة الهدوء التى قد يحصل عليها بايدن، خاصة مع قيادة نتنياهو للمعارضة فى الكنيست.
لن يختفى نتنياهو، بل سيكون فى المعارضة وسيرأس أكبر وأكثر حزب إسرائيلى متماسك. ستستمر محاكمة نتنياهو بتهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، على الأرجح لأشهر، وفى غضون ذلك سيضغط على أعضاء اليمين فى الحكومة الجديدة ويعمل على تأمين انهيارها. إذا حدث ذلك، فقد يكون نتنياهو ــ الذى لا يزال السياسى الأكثر مهارة فى بلد صوت فيه 72 فى المائة لأحزاب اليمين فى الانتخابات الأخيرة ــ فى وضع جيد للعودة.
سيتمتع بايدن براحة مع وجود رئيس وزراء أقل شراهة وتلاعبا؛ لن يلعب لصالح جمهوريين وإنجيليين، ومن غير المرجح أن يعارض علنا سياسة أمريكا تجاه إيران أو يستفز إيران. ومع ذلك، فإن التناقضات التى أمامنا مربكة؛ من وجود رئيس وزراء معادٍ للفلسطينيين ولكنه بحاجة إلى كبح آرائه للحفاظ على الائتلاف، وحكومة إسرائيلية تريد إعادة بناء العلاقات مع الإدارة الأمريكية التى تسعى إلى بناء صفقة مع إيران تعارضها إسرائيل.
على بايدن أن يتمتع بالهدوء المؤقت الذى سيحظى عليه، فالاشتباكات بين واشنطن وإسرائيل مستمرة بشأن عملية السلام. بينما تحاول إدارة بايدن الحفاظ على تركيزها على القضايا الداخلية، لا يبدو أن أحداث الشرق الأوسط ستسمح لبايدن بمغادرة المنطقة أبدا.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغني
النص الأصلي هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved