الرجل عدو الرجل

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الجمعة 5 يوليه 2019 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة عكاظ مقالا للكاتب «أريج الجهنى» وجاء فيه:
قابيل قتل هابيل، والحروب التى أودت بحياة الملايين عبر السنين قادها رجال ضد رجال، مؤامرات ودسائس وخيبات وقتل وعنف رغم كل هذا لا تسمع أحدا يقول «الرجل عدو الرجل»، بالمقابل تكاد تكون «المرأة عدوة المرأة» من المسلمات والبديهيات فى خطابات حياتنا اليومية، فالمرأة ما زالت «موضوع وشيء وهامش» فى ذهن أصحاب هذا التصور سأناقش خطورة هذا التصور على المجتمع وعلى المرأة نفسها، وسأبدأ بالتأكيد بالمرأة وذاتها.
إن المرأة التى تتقبل هذه العبارة فى هذا العصر إما أن تكون لم تقرأ بما يكفى لتفهم معنى التنميط المجتمعى ولماذا المجتمع يريدها أن تقتنع أنها «ليست كفؤا أن تكون عدوة للرجل لأنها أقل منزلة منه بحسب فهمهم»، والأخطر أن المرأة تصبح فى حالة توجس من زميلاتها وتتوهم خرافات لا أساس لها من الصحة، عزيزتى المرأة وعيك بذاتك هو نقطة قوتك «من أنا» يليها دورك المجتمعى «من أكون»، إن لم تدركى جيدا من «أنتِ» لن تكونى سوى ما يريده من حولك أن تكونى.
التحرر من السياقات الثقافية القاتمة لن يحدث إلا بالتحرر من التعاطى الهزلى مع العبارات، مهم جدا أن أدعوكم للتفكير بشكل عقلانى وأن أقول ماذا جنينا من القولبة المجتمعية؟ ماذا استفدنا من إلصاق التهم بالنوع المجتمعى «رجل وامرأة»، فالنوع البيولوجى «أنثى وذكر» الاختلافات بينهم واضحة لحدٍ ما رغم وجود دراسات تعالج هذا الأمر، لكن لنقل هل النوع المجتمعى يستدعى أن نقول «المرأة ضعيفة عاطفية»، «الرجل لا يبكي»، إلى متى؟ وكم تضرر الرجل من هذا التنميط، ليس فقط المرأة!، مخيفٌ جدا أن تجد نفسك كرجل او كامرأة تتعاطى مع هذه الأنماط فقط لتنال رضا من حولك.
هل هذا الأمر مهم؟ هل محاربة التنميط مفيدة للمجتمع؟ بالتأكيد نعم خاصة فى هذه المرحلة، أمام هذا الانفتاح علينا أن نجهز الأفراد للمزيد من مساحات التقبل، الفتاة التى تحارب لتمكّن نفسها ولتمكّن بنات جنسها ليست عدوة لهن! الفتاة التى تغامر بمكتسباتها وطمأنينتها لتوصل صوت المستضعفات ليست عدوة!
شخصيا لا توجد لدى أى عداوة مع بنات جنسى بل على العكس دائما ما نسير بخط متوازٍ حتى إن اختلفنا لا نتخالف، لأن كل واحدة منا منشغلة ببناء ما يفيد، الميل للهدم والتدمير لا يأتى إلا مع الفراغ والجهل، بل حتى الرجل يعانى وناقشت هذا كثيرا، الكثير من الرجال يحاصَرون بقوالب تفترض منهم «القوة والبطش والخيانة واللامبالاة»، نعم نحن كمجتمع نصنع الوحوش ونحن من يصنع الأدوار، عندما يعزز فى ذهن الرجل أن عليه أن يبطش ويستهلك الحرث والنسل سيصدق عقله هذا ومهما بلغ وعى الإنسان مع الوقت تصبح هذه التنميطات عبئا ثقيلا جدا على النفس.
لهذا علينا أن نتوقف قبل أن نقول «المرأة عدوة المرأة» ونفكر جيدا، ما نوع العداوة التى نريد أن نصنعها؟ ما نوع الضغينة التى نريد أن نعززها بين الفتيات؟ لهذا شكرا للوعى والحراك النسوى المعتدل.

عكاظ ــ السعودية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved