عابد كرمان يكشف عن جرحه مبكرًا

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الجمعة 5 أغسطس 2011 - 8:17 ص بتوقيت القاهرة

 كان الحوار بين الأب وابنه مؤثرا للغاية وهو يوصيه بالأم ويذكره بحبها.. يوصيه بالوطن وما أدراك ما الوطن!.. خرجت الكلمات فى أجواء موحية بأن اللحظة ــ التى مر عليها قرابة نصف قرن ــ لا تزال تنبض وتلهم وتحفز، فالوطن مازال شريدا والخطى تتخبط فى مكانها. سأل الابن: تفتكر يا أبى الدار والأرض يمكن ترجع تانى؟، وأجاب الأب: يا عابد الأرض هترجع لأهلها المهم أصحاب الأرض ما ينسوش هم مين وأصلهم ايه.. كانت الوصية هى الدرس الكبير الذى كشفت عنه مبكرا أولى حلقات مسلسل «عابد كرمان».

ربما أراد المؤلف بشير الديك أن يؤهل المتفرج للمشهد القادم باستسلام شخصيته الرئيسية سريعا فى لعب دور عميل المخابرات المصرية، وربما أراد أن يضع يده على الجرح الحقيقى لضياع فلسطين حتى الآن وهو أن أصحاب الأرض أنفسهم تشتت هويتهم وجذورهم.

المسلسل ــ الذى تذكرنا صورته وأجواءه إلى حد ما بأجواء مسلسل حرب الجواسيس ربما لأنه لنفس المؤلف بشير الديك والمخرج نادر جلال والموسيقى لرعد خلف ــ بدأ بلمحة بصرية متواضعة بهزيمة 5 يونية 1967.. كان المشهد رمزيا بلقطات سريعة ثم شاهدنا مقر المخابرات المصرية ومسئول يقول «إما أن نسكت ونبلع الهزيمة أو نرد عليهم» ثم نراهم يتحدثون عن عابد كرمان وهل هو جاهز أم لا بالقطع لمهمة التخابر، وقال أحدهم «هو إسرائيلى من أصل عربى بتاع ستات» وبات من المؤكد أن الوقوع بالستات من أهم مميزات عميل المخابرات، ونعود مرة أخرى لعابد الذى يجسده تيم الحسن بتلقائية شابها بعض الافتعال.. نراه وهو يقرر أن يغادر الوطن إلى باريس، وفى تلك اللحظة يعود لصندوق الذكريات ويفتح على جريدة كُتب عليها «إعلان قيام دولة إسرائيل» ثم يتذكر مشهد قتل أخيه ياسر على يد الإسرائيليين وهما أطفال فى صورة تبدو الأفضل بالأبيض والأسود، حيث صوب الضابط الإسرائيلى سلاحه إلى وجه الأم يهددها بالقتل إذا لم تخبره أين زوجها المناضل حينئذ قفز الطفل ياسر على العسكرى لكنه يُقتل رميا بالرصاص وتعيش أمه.. فبطلنا عابد كرمان واسمه الحقيقى عبدالله ياسين من دير ياسين بالقدس يستلهم القضية فى مشهد وربما يكون هذا المشهد عاملا مشتركا فى تغيير مساره النفسى وتحوله من الحياة بأنانية إلى الحياة للوطن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved