علموا أولادكم ممارسة الرياضة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 5 أغسطس 2021 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

الحديث عن احتمالية رفع سعر رغيف الخبز المدعم غطى على كثير من الموضوعات المهمة جدا التى تم إثارتها على هامش افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى للمدينة الصناعية الغذائية «سايلو فودز» فى مدينة السادات صباح يوم الثلاثاء الماضى.
أحد هذه الموضوعات التى لا تجد حظا كبيرا من الاهتمام العام والإعلامى هو تراجع ممارسة الرياضة عموما سواء فى المدارس أو الجامعات أو الساحات الشعبية، إلا ما ندر.
الرئيس تساءل خلال مداخلته: هل هناك اهتمام بممارسة الرياضة فى الجامعات؟ وفى بداية كلامه تحدث عن «ضرورة رفع الوعى لدى الناس بمراقبة أوزان أولادهم، وقياس مدى الكفاءة الصحية من خلال تناول طعام صحى، وممارسة أنشطة رياضية مناسبة طبقا لهوايات الطالب».
السؤال: هل لدينا دراسات واقعية عن مدى حجم ممارسة الرياضة لدى الشباب؟ وإذا كان الرئيس قد تحدث فى هذا الموضوع أكثر من مرة، فلماذا لم نر ترجمة حقيقية له على الأرض؟!
بداية فإن الأمر لا يخص وزارة معينة، بل العديد من الوزارات والمؤسسات، خصوصا وزارتى التعليم والتعليم العالى والشباب والرياضة والتنمية المحلية وسائر المحافظين.
طبعا وحتى يكون الكلام منطقيا، وليس وعظا أو«جعجعة بلا طحن»، كما يقولون، فعلينا أن نتذكر أن عددا كبيرا من المدارس لم يعد بها ملاعب، والسبب هو أن هذه المدارس، ليس بها أحيانا فصول تكفى أساسا لتعليم الطلاب داخلها، ونعلم أن العديد من طلاب الشهادات خصوصا لا يذهبون إلى المدارس، بل إلى مراكز الدروس الخصوصية أو «السناتر».
وبالتالى إذا كانت لا توجد أماكن للفصول، فهل ستوجد ملاعب لممارسة الرياضة؟!
لا نستطيع أن نلوم التلميذ أو الطالب أو الشباب عموما، إذا لم يمارسوا الرياضة، والمطلوب أن نلوم أنفسنا أولا، لأننا لم نوفر لهم الأماكن المناسبة لممارسة هذه الرياضات المختلفة.
نعلم جميعا أهمية ممارسة الرياضة من أول المشى، ونهاية بأصعب أنواع الرياضات، ونعلم جميعا أنها ليست مجرد «لعب عيال» كما كان يعتقد العديد من آبائنا، وبعض الآباء الجدد، ما يزال يفكر هكذا.
الرياضة هى أفضل علاج للعديد من الأمراض، بل إنها الدواء الواقى لعدم حدوث أمراض من الأساس. ثم إنها مهمة جدا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بل من كل النواحى.
الشباب الصغار، حينما يمارسون الرياضة، فإنهم يصبحون رجالا أقوياء فى المستقبل ويتمتعون بحياة مثالية، ويوفرون أموالا كثيرة كانوا سينفقونها على العلاج، ويوفرون للدولة ميزانيات ضخمة يمكن توجيهها لعلاج كبار السن أو الأوبئة المفاجئة مثل كورونا وغيرها.
عندما كنا صغارا أظن أننا كنا محظوظين كثيرا، فالرياضة كان يمكن ممارستها فى الشارع أو فى «الجرن» أو فى أى مكان مهجور، لم يكن لدينا وقتها مركز للشباب، ورغم ذلك كان معظمنا يمارس الرياضة خصوصا كرة القدم لمدة ساعتين على الأقل يوميا من سن السادسة، وحتى نهاية الجامعة تقريبا.
الآن الجيل الجديد أقل حظا، فالزحام وعدم وجود أماكن لممارسة الرياضة، تجعله إما جالسا فى البيت أو فى المقهى، وربما يلجأ إلى ما هو أسوأ، أى الإدمان أو التطرف، ولو أنه مارس الرياضة فعلا، فربما ما صار مدمنا أو متطرفا.
كل ما سبق يبدو كلاما عاديا ومكررا، لكن سؤالى ما الذى يمكن أن تقدمه الحكومة للشباب، كى يقبلوا على ممارسة الرياضة؟!
أتمنى أن يخضع هذا الأمر لنقاش مجتمعى شامل بحيث يتم جذب الشباب لمراكز الشباب المتاحة أولا، أو يساهم رجال الأعمال والمجتمع المدنى فى إقامة ساحات بسيطة لممارسة الرياضة، وأن تنشغل المحليات بتهيئة أماكن لأسهل وأفضل رياضة وهى المشى، التى يمكن أن يمارسها الجميع وفى كل الأوقات، لكن على الأقل نضمن وجود الحد الأدنى من الطرق الممهدة للمشى، وهو أمر صعب كثيرا فى القاهرة الكبرى، وغالبية مدن المحافظات.
الخلاصة علموا أولادكم الرياضة بكل أنواعها، فهى أفضل استثمار حقيقى للمستقبل، صحيا واقتصاديا وسياسيا ونفسيا واجتماعيا، وربما نجد نماذج كثيرة مثل محمد صلاح، إذا اتسعت قاعدة الممارسين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved