جوهر كلام وزير التعليم صحيح

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 5 سبتمبر 2017 - 8:00 م بتوقيت القاهرة

اعتدنا أن الوزراء، خاصة من الذين لهم خبرات ممتدة فى أروقة مؤسسات وأجهزة الدولة، وتلقوا تدريبات وتربية سياسية فى الاتحاد الاشتراكى، ومنظمة الشباب، أو ما شابه، انهم يجيدون فى العادة الكلام فى المجال العام، ويحسنون اختيار ألفاظهم، أما من لم يمر بتجارب تربية سياسية فعادة يتحدث بلغة قاسية، حتى وإن كان الهدف منها خير، أو أن المضمون ليس محل خلاف. 

ونحن عرفنا وزراء فى الفترة الأخيرة تحدثوا باستعلاء طبقى على غرار ابن الزبال لا يدخل القضاء، أو باستعلاء مناطقى مثل الصعايدة سبب مشكلة مصر، وغيرها من التصريحات التى لا توافق الشخصية العامة.ومنذ أيام صدر عن الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، تصريحات أثارت حفيظة بعض المدرسين، والتشكيلات النقابية التى ينتمون إليها، والروابط التى تجمعهم، فقد نسب للوزير أنه قال فى إطار حديثه عن خطة تطوير العملية التعليمة واحتياجها لتمويل إن: «نصف الوزارة حرامية والنصف الآخر حرامية ومش اكفاء»، وأن المعلمين لا يهمهم إلا زيادة المرتبات فى حين أنهم ليسوا أكفاء، والوزارة ليست فى حاجة إليهم، ومعظمهم لا يذهب إلى المدرسة ولكن صوته عالٍ للأسف، ومثل هؤلاء المدرسين يطالبون بالتثبيت وحافز الإثابة وضم المدة، وبعدها يتسائلون: «عندما يقوم الوزير بتثبيتنا. كم شهر عمل مطلوب حتى نحصل على إجازة بدون مرتب؟»، وهذا لأنهم ينوون ترك المدرسة للتفرغ للدروس الخصوصية وهو ما ينافى أهداف الوزارة الساعية لتطبيق منظومة تعليمية جديدة».

امس تحدث الوزير وقال ان كلامه فهم خطأ،وانه يحترم جميع العاملين في التعليم،وكان يقصد فقط اصحاب الصوت العالي.

بالمناسبة ما نسب إلى الوزير فى مجمله ليس خطأ، خاصة إذا حذفنا مصطلح «حرامية» الذى أغضب البعض، وهو بالتعبير وصف غير لائق، لكن ما ذهب إليه الوزير صحيح، ولا يستطيع أحد أن يجادله. ظاهرة الدروس الخصوصية، التى تتجمع حولها شبكة معقدة من المصالح، قائمة، وضاغطة، تعرفها كل أسرة مصرية، ولا أحد يجادل فى ذلك. ولا أظن، وأشارك الوزير فى قوله، إن نسبة لا يستهان بها من القائمين على العملية التعليمية لا يهمهم تطوير التعليم قدر تحقيق مصالحهم الخاصة. الشواهد تقول ذلك، وتحطمت على صخور المصالح الكثير من الخطط، والبرامج، والأهداف الطموحة. وأكثر من ذلك، أن ظاهرة الدروس الخصوصية امتدت إلى الجامعات، فى ظاهرة بالفعل مشينة، ولا تتفق مع فلسفة التعليم الجامعى.

قد يكون فى تصريحات وزير التعليم ما لا نقبله من حيث الصياغة، والالفاظ المستخدمة، ولكن لا يجب أن نسير فى الهوجة الدائرة التى تتمسك بالشكل، ولا تناقش الجوهر، وترى أن اللفظ جارح لكن واقع التعليم البائس غير جارح، تتمسح فى مفاهيم من قبيل الهيبة، وكرامة المعلم، وغيرها، ونحن لسنا ضدها، ولكن هل يحافظ المعلم على هيبته وكرامته عندما ينخرط فى الدروس الخصوصية، ويهمل رسالته الأساسية؟

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved