الأسعار وشجونها
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 5 سبتمبر 2023 - 7:30 م
بتوقيت القاهرة
فى الأيام القليلة الماضية ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل ملحوظ خاصة منتجات الالبان ومشتقاتها، مما دفع بعض تجار التجزئة إلى تجنب عرض بعض الاصناف، هكذا قال لى بعضهم، وعلل أحدهم ذلك بأنه غير معقول أمام الزبون رفع سعر السلعة لأكثر من ٣٥% دفعة واحدة، وهى ذات السلع التى ارتفعت أكثر من مرة على مدى الشهور الماضية. ويرى كثير من هؤلاء التجار ان الارتفاع المضطرد فى الأسعار ليس له ما يبرره، فلم يحدث تغييرات فى أوضاع الاسواق خلال الشهور القليلة الماضية، ولم يعد مفهوما الحديث عن الاستيراد والدولار، خاصة أن الأوضاع على ما هى عليه، بل ان هناك أخبارا تشير إلى قيام بعض البنوك بتوفير بعض احتياجات المستوردين من الدولار مما قلل من الاعتماد على السوق السوداء، ودفع سعر الدولار إلى الانخفاض. يحدث هذا فى الوقت الذى تزداد فيه أسعار الخضراوات والفاكهة فى الأسواق، وتثبت أو تنخفض أسعار البروتين بسبب تراجع استهلاك الأسر المصرية حسب تقديرات البعض.
الدلالات الاجتماعية لهذه الحالة متعددة، أبرزها ارتفاع تكلفة الغذاء للأسرة المصرية، حيث تعد مصر حسب تقديرات دولية من بين أكثر الدول التى تشهد ارتفاعا فى أسعار المواد الغذائية. ويصعب فى الواقع تخيل الضغوط التى تتحملها الأسرة، وهى على أبواب عام دراسى جديد، ترتفع فيه تكلفة الغذاء، وتزداد الاعباء عليها. ولم تكن مبادرة بعض المكتبات تقديم تخفيضات على الكتب الخارجية التى ارتفعت اثمانها بشكل كبير هذا العام سوى إشارة إلى الاعباء التى تواجهها الاسرة، وقد اتجهت بعض البنوك فى إطار العروض التى تقدمها إلى تقسيط المصروفات الدراسية، وهى مبادرة موجهة فى الأساس إلى الشرائح العليا من الطبقة الوسطى التى تواجه آثار الأزمة الاقتصادية فى مجال تعليم ابنائها، تماما مثلما تفرط فى تدبير احتياجاتها الأخرى عن طريق برامج التقسيط التى تطرحها البنوك سواء بفوائد أو دون فوائد، وهو ما يعنى مزيدا من الاعباء المالية المفروضة عليها.
هناك بالفعل ألغاز تتعلق بأسعار السلع. فهناك سلع يقفز ثمنها مثل السكر رغم ان الإنتاج منه يغطى الطلب عليه. نفس الأمر ينطبق على الخضراوات والفاكهة، والتى تزداد دون مبرر فى كثير من الأحيان، اللهم إلا سعى المزارع والتجار إلى التعامل مع الغلاء الذى يواجهه عن طريق رفع الأسعار، وهى الحالة السائدة فى غالبية أوجه النشاط الاقتصادى، خاصة الخدمات التى ارتفعت أسعارها فى شتى المجالات.
لا أريد تكرار حديث معاد وهو الرقابة على الاسواق، التى يشكو المواطن من غيابها، إلى حد أن هناك بعض السلع تجدها بأثمان مختلفة من مكان لآخر فى نفس الشارع، مثل المياه المعبأة، التى تجد تفاوتا فى أسعارها من محل لآخر، وقس على ذلك سلعا كثيرة، من بينها أزمة السجائر التى تعد الحكومة بحلها سريعا. وقد لفت انتباهى عبارة كتبها صاحب كشك تلخص المشهد «نعتذر عن بيع السجائر لحين استقرار الأسعار».
واقع الأمر أنه لا توجد مبادرات جادة من القطاع الخاص لتخفيض أسعار السلع، بل هناك سعى دائم إلى زيادتها، قد يبرر المستثمر ذلك بارتفاع تكلفة الانتاج، ولكن لا يعنى ذلك عدم تقديم عروض مميزة دائمة على السلع أسوة بما يحدث فى دول العالم الاخرى. بالأمس كنت فى واحد من أكبر سوبر ماركت فى مصر، ولم أجد عروضا مخفضة على السلع إلا نادرا، بما فى ذلك ما يطلق عليه عروض التوفير، فى حين لو سألت أى شخص يعيش فى الخارج عن عروض الشراء الدائمة المقدمة إليه ستجدها كثيرة، ومتلاحقة، تشعره بثبات الأسعار أو ارتفاعها ارتفاعا طفيفا فى حدود قدرة الفرد الشرائية.
بالتأكيد الأوضاع الاقتصادية الراهنة لها تأثيرات اجتماعية مباشرة على حياة المواطن قد ينشغل بها الباحثون الاجتماعيون فى الفترة المقبلة، من غلاء، وعدم قدرة على شراء الاحتياجات الاساسية، واللجوء إلى سوق السلع المستعملة فى الأثاث والملابس وغيرها، وتغير مزاج الشخص نحو العصبية والانفعال، وهو ما نراه فى الشارع أو داخل الأسر ذاتها.