المتظاهرون اللبنانيون والعراقيون يتجاوزون الطائفية

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 10:10 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Eurasia review مقالا للكاتب جيمس دورسى عن تطورات الأوضاع فى لبنان والعراق ونعرض منه ما يلى:

أسفرت الاحتجاجات فى لبنان عن عدة مواجهات مع الحكومة امتدت شرارتها ضد حكومات أخرى أعاقت حركة التنمية فى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، طالب المحتجون بضرورة إنشاء نظام سياسى واجتماعى يرتكز على الهوية الوطنية لا الطائفية أو العرقية فهتفوا فى احتجاجاتهم عدة شعارات منها «واحد، واحد، واحد، كلنا شعب واحد». وتأكيدا لذلك شكل عشرات الآلاف من المتظاهرين سلسلة بشرية امتدت على طول ساحل البحر المتوسط فى لبنان.
«نحن شعب واحد، لطالما أوهمنا المسئولون بأننا لسنا شعبا موحدا بل نحن شعب منقسم، ولقد أثبتت الأيام العشرة الأخيرة بأننا شعب واحد، نحن لبنانيون، ولهذا ترى المتظاهرين يمسكون علما واحدا وهو العلم اللبنانى» هكذا قال صبحى جارودى المواطن اللبنانى البالغ من العمر 67 عاما وقت انضمامه للسلسلة البشرية. كما قال محمد شامس، متظاهر شاب، مصرا على حقه فى العيش فى دولة خالية من السياسيين الطائفيين والفاسدين الذين قادوا الدولة إلى الهاوية من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية: «إنها مسألة حياة أو موت.. ونحن جاهزون لمواجهة الخوف وتحمل المسئولية الناجمة عن مواجهة الطائفية والتى استمرت لأكثر من ثلاثين عاما».
إذا نجح المحتجون فى تحقيق مطلبهم فى القضاء على الطائفية وترجمة ذلك إلى إصلاح دستورى، سيساهم هذا بالطبع فى جعل الاحتجاج أداة فعالة للتغيير، إلا أن هذا كله يتوقف على مدى إدراكهم للمصلحة المشتركة فى تجاوز الطائفية والعرقية والطبقية. أبرز نجاح المحتجين اللبنانيين هذا الأسبوع فى إجبار رئيس الوزراء سعد الحريرى على الاستقالة صعوبة تجاوز الطائفية، حيث تعالت أصوات المسلمين السنة بأنه كان سياسيا سنيا قد تنحى، وهو ما عزز من دعوات المحتجين بتشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط فقط.
ومع ذلك، فإن استقالة السيد الحريرى أسعدت فى المقام الأول المتظاهرين الشيعة فى العراق، الذين تنعكس ميولهم المعادية للطائفية، وفقا لفنار حداد، وهو باحث عراقى فى معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة، فى المطالب الموجهة نحو القضايا بدلا من التوجه نحو الهوية منذ عام 2015. وعلى خطى لبنان، يتعرض رئيس الوزراء العراقى عادل عبدالمهدى لضغوط متزايدة للتنحى. ففى الاحتجاجات العراقية الأخيرة، تجلت تلك الميول فى الشعارات التى تدين النفوذ الإيرانى فى البلاد والأولوية المتصورة للحكومة الإيرانية على المصالح العراقية. وألقى المحتجون باللوم على إيران ووكلائها العراقيين فى الرد القاسى من جانب قوات الأمن التى أودت بحياة أكثر من 200 شخص. ونقلت صحيفة الجارديان عن ضابط مخابرات عراقى قوله إن غرفة العمليات التى تنسق الرد الأمنى على المظاهرات كان يديرها قادة الميليشيات الإيرانية والعراقية. وقال الضابط: «أصبحت هذه الميليشيات أداة لقمع المظاهرات».
كما أن الشعارات المعادية لإيران تعكس المواقف التى عبر عنها آية الله على الحسينى السيستانى، أحد أبرز علماء الإسلام الشيعة والزعماء الروحيين المعروفين باسم «صمام الأمان فى العراق»، الذى سعى لمواجهة الطائفية، والحفاظ على مسافة بعيدة عن إيران وتوجيه العراق نحو مجتمع أكثر تماسكا. حيث قام آية الله السيستانى بإرسال دعمه للمتظاهرين من خلال تسليم الطعام والماء والمشروبات مجانا وتوفير المراحيض للمحتجين فى منطقة النجف الذى يديره ممثله.
أظهر استطلاع للرأى أجراه الشباب العربى فى وقت سابق من هذا العام أن ثلثى من شملهم الاستطلاع شعروا أن الدين لعب دورا كبيرا للغاية فى حياتهم، بزيادة 50٪ مقارنة بأربع سنوات مضت. ذكر 69% بأن المؤسسات الدينية بحاجة إلى إصلاح بينما قال نصفهم إن القيم الدينية تعيق العالم العربى عن التقدم.
نتيجة لذلك، كان المحتجون اللبنانيون أكثر وضوحا فى رفضهم للنظام السياسى الطائفى، حتى أنصار حزب الله تجاوزوا الهويات الطائفية بتجاهل دعوة زعيم الجماعة، الشيخ حسن نصر الله، إلى إنهاء الاحتجاجات، وقالت لافتة أحد المتظاهرين فى ساحة رياض الصلح فى بيروت، مموهة بأناشيد شعبية: «أنا ممول من سفارة هيلا هيلا هيلا هو ستان، من الذى يمولك؟»، وأضاف المحتج علاء، أحد أنصار نصر الله: «أولوياته هنا تختلف عن أولوياتنا، نريد تغيير النظام، ونريد حياة أفضل لأنفسنا؛ باختصار، نريد حياة جديدة، فى حين أن أولويات حزب الله هى الحفاظ على النظام والتأكد من أنهم على علاقة جيدة مع حلفائهم. لأول مرة على الإطلاق، لدينا تحويل واضح فى الرؤية».

إعداد:

ياسمين عبداللطيف أبو الحسن

 

النص الأصلى



هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved