شابو!

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الجمعة 5 نوفمبر 2021 - 8:40 م بتوقيت القاهرة

اعتدنا أن نهتف «شابو» لتحية من يقدم على عمل فريد يستحق الإعجاب ويستدعى التقدير. رغم أن التعبير فرنسى chaoperu las إلا أنه يستخدم فى كل لغات العالم ومنها العربية وقد تواكب النطق به انحناءة بهيجة فى هيئة من يخلع القبعة تحية واجبة وتقديرا لصاحب الفكرة أو الحدث.
لم يكن الأمر كذلك فى الإسماعيلية حيث تردد التعبير فى سياق مختلف تماما حينما ورد فى الحديث عن تلك الواقعة الدامية. شابو كان اسم الأقراص المخدرة التى أدمنها شاب فى مقتبل العشرينيات من عمره والتى دفعته قهرا إلى دهاليز مظلمة من الاكتئاب والفصام هيأت له وساوس دفعته إلى نحر عنق رجل لا حول له ولا قوة ساقه قدره إلى طريقه.
أجهز عليه وحمل رأسه فى كيس أسود وترك جثته على الأرض تنزف بينما تحلق الناس حوله فى ذهول ومن تصور أن واجبه تأكيد الواقع بتصويرها للذكرى.
داهمنى الحدث فأخل بتوازنى وحرر صورا عديدة كانت حبيسة عقلى وذاكرتى لمواقف تماثل هذا الموقف بشاعة وربما تفوقه. كلها تعود إلى ذات المصدر اللعين: المرض العقلى والإدمان.
أعرف جيدا أنه ليست هناك عصا سحرية قد تحل مشكلة الإدمان فى وطنى أو تعيد ترتيب أوراق قضية الصحة النفسية والعقلية فى مصر لأن الأمر بالغ التعقيد والجهود التى يجب أن تبذل لا تقتصر على علاج المدمن أو اعتقال مريض الداء العقلى وراء أسواق مستشفى حصين إنما الأمر بلا شك يحتاج خطة قومية يتشارك فيها الجميع. أجهزة الدولة على اختلاف تخصصاتها والوزارات كالصحة والداخلية والتجارة والمالية والتضامن الاجتماعى.
تلك قضية وطنية أرشحها دون تردد للقائمين على مؤسسة «تحيا مصر» فمن يملك العزم والوطنية والقدرة على إدارة الأزمة فى كفاءة إلا من تولوا أمر الاهتمام بأمن هذا الوطن وقضاياه وحصدوا ثقة المواطنين الذين سارعوا للتبرع لتلك المؤسسة التى بدأت من حيث انتهى الآخرون. كلى ثقة لو أن «تحيا مصر» قد تبنت قضية الإدمان فى مصر وشرعت فى دعم مشروعات لإعادة ترتيب أوراق الاهتمام بصحة الإنسان المصرى النفسية والعقلية لنجحت وحققت أملا غاليا تحتاجه ودفعت عنا شرا عظيما يهدد عقول أبنائنا.
مؤسسات الصحة النفسية والعقلية فى مصر بحاجة لدعم مادى وإدارى لتحقق الغرض الأصيل من وجودها.
لدى الكثير من أطباء العقل والنفس أصدقاء لديهم أفكار قابلة للتحقيق بصورة واقعية فهل يستجيب المجتمع المدنى؟
لا ينقصهم العلم ولا القدرة على العمل والتخطيط لمشروعات تضمن الوقوف على أعتاب الممكن ولا أقول المعجزات من عمق قلبى أتمنى أن يعلو دائما هتاف «تحيا مصر» لكنى بذات الصدق أتمنى لو بدأ العمل تحت لواء هذا الشعار حتى يظل خفاقا فوق الرءوس عن قناعة.
أوقن تماما أن هناك الكثيرين من الزملاء سيضعون أنفسهم رهن إشارة من يستجيب لدعم قضية الصحة النفسية والعقلية للإنسان المصرى وأنا بلا شك منهم حتى لو لم يكن هذا تخصصى لكنه همى واهتمامى الآن. أملى أن تبدأ مؤسسة «تحيا مصر» والقائمون عليها فى دراسة الأمر بصورة جدية تحقق لنا الأمان وتخلق فى نفوس كل المصريين الرغبة فى المساهمة فكلنا فى الهم سواء وكلنا فى مرمى الخطر.
علنا قريبا نستخدم التعبير فى مكانه الصحيح فنرفع القبعة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved