مع انطلاقها اليوم.. قضايا نتمنى ألا تغفلها قمة شرم الشيخ للمناخ

تقارير
تقارير

آخر تحديث: السبت 5 نوفمبر 2022 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

مع انطلاق أعمال قمة المناخ السابعة والعشرين فى شرم الشيخ المصرية، اليوم، أو ما تعرف باسم كوب 27، تتعدد القضايا المرتبطة بمواجهة التغير المناخى، بدءا من تنفيذ تعهدات دول الشمال بتقديم ١٠٠ مليار دولار سنويا لدول الجنوب لكى تواجه آثار التغير البيئى، مرورا ببناء التوافق بين حكومات الشمال والجنوب بشأن مبادئ وآليات التعويض عن خسائر وأضرار التغير البيئى، وانتهاء بالحد من الانبعاثات الكربونية. فى ضوء ذلك، تناولت مؤسسة بروكينجز Brookings بعض التوصيات التى يجب أن توليها القمة اهتماما خاصا، منها ضرورة عدم المساواة بين الدول الغنية من جانب، والدول الفقيرة أو النامية من جانب آخر فى تحقيق سياسة صفر انبعاثات! نظرا لصعوبة تحول الدول الأخيرة عن الطاقة التقليدية لصالح الطاقة النظيفة بسهولة، وتأثير ذلك على خططها لتحقيق التنمية، التوصية الثانية تعلقت بضرورة مناقشة مسألة الهجرة المناخية باعتبارها إحدى النتائج الرئيسية لتغير المناخ.. نعرض هذه التوصيات تفصيلا فيما يلى.
فى مؤتمر جلاسكو لتغير المناخ العام الماضى، COP26، كانت التعهدات تدور حول إعلان مواعيد تحقيق صافى انبعاثات الكربون. مثلا تعهدت الهند بأنها ستصل إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2070. لكن، ومع انطلاق مؤتمر COP27 اليوم، ينشغل العديد من البلدان بقضايا تأمين الطاقة، فى ظل الحرب الروسية الأوكرانية، بدلا من تصعيد التزامهم بتحقيق المزيد من التخفيضات الصارمة للانبعاثات.
يقول الكاتب، راهل تونجيا، فى مقاله المنشور على موقع مؤسسة بروكينجز إنه فى مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، ينبغى تحويل الحديث من سياسة صفر انبعاثات إلى سياسة انبعاثات عملية ومنصفة. بعبارة أخرى، يتعين على الدول الغنية والمصدرة للنفط أن يخفضوا الانبعاثات بشكل كبير، بينما يتعين على الدول الفقيرة أو النامية أن تخفض معدل انبعاثاتها بشكل أكثر عدلا ليتوافق مع خططهم للتنمية. فمن المعروف أن التنمية فى تلك الدول تعنى حتما زيادة انبعاثاتهم على المدى القصير.
يُطلب من البلدان النامية «القفز» إلى الطاقة المتجددة. ومع ذلك، إذا لم نسمح لهم بأى استثمارات جديدة فى الوقود الأحفورى، فمن الصعب الاعتماد على الطاقة المتجددة؛ لأنها غير منتظمة أو غير دائمة الوجود. مثلا، كيف نلبى الطلب على الكهرباء فى المساء بالطاقة الشمسية؟. البطاريات لا تزال باهظة الثمن. وإذا تم تصميم أحدها بدون وقود أحفورى، فسيكون ذلك مكلفا للغاية.
أدى الدفع نحو الطاقة المتجددة إلى خلق ضغوط فى تمويل الغاز الطبيعى فى البلدان الفقيرة. هذا الضغط لا يضر فقط بأمن الطاقة ولكن أيضا بالأمن الغذائى. فى الآونة الأخيرة، كان هناك تراجع فى تمويل مصنع الأسمدة بالغاز الطبيعى المخطط فى بنجلاديش. هذه ليست عدالة مناخية بل استبداد مناخى. من هنا، جاء الحديث عن ضرورة التزام دول الشمال بتقديم ١٠٠ مليار دولار سنويا لدول الجنوب لكى تواجه آثار التغير البيئى وتتكيف معها، وبالطبع يجب ألا يكون هذا الدعم جزءا من ديون مستقبلية.
إجمالا، كوب 27 هو فرصة للبلدان ليس فقط لزيادة طموحاتها، ولكن أيضا لإعطاء مصداقية لطموحاتها. نحتاج إلى أهداف صارمة لجميع البلدان ــ لكن الأهداف لن تكون هى نفسها فى كل بلد. بمعنى أن البلدان الفقيرة تواجه بالفعل وطأة تغير المناخ، لكنها تريد أداء نصيبها العادل من التخفيف من الانبعاثات. هذه هى العدالة المناخية.
• • •
فى مقال آخر نشر للكاتبتين إليزابيث فيريس، وريفا دينجرى، تناولتا فيه قضية الهجرة المناخية واحتمالات وصولها إلى مستويات غير معهودة، قالتا إن التقرير الأول للفريق الحكومى الدولى المعنى بتغير المناخ أقر فى عام 1990 بأن الهجرة ستكون إحدى النتائج الرئيسية لتغير المناخ. هذه الهجرة تحدث بالفعل. يتشرد نحو 20 مليون شخص كل عام بسبب الكوارث الطبيعية. كما ستؤدى الكوارث البطيئة الحدوث مثل الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر إلى هجرة المزيد من الناس. ويتوقع البنك الدولى أنه بدون جهود جادة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، سوف يهاجر 216 مليون شخص بحلول عام 2050.
الهجرة هى استراتيجية بقاء مجربة وحقيقية. ومع ذلك، من المرجح أن تزداد الهجرة البشرية إلى مستويات غير مسبوقة. دعا مؤتمر كوب 16 إلى مزيد من العمل بشأن الهجرة والنزوح، والتخطيط لإعادة التوطين كاستراتيجيات للتكيف. وتعتبر قمة كوب 27 لحظة مناسبة لتناول هذا الأمر والتأكيد عليه. لكن ما الذى يمكن أن تفعله COP27؟ أولا، يجب أن تبذل المزيد من الجهود لتخفيف انبعاثات الكربون. ومع الأسف، الجهود الحالية أقل بكثير من المستويات المطلوبة للتخفيف الفعال.
ثانيا، يجب على الدول المانحة أن تكون جادة بشأن دعم الحكومات لبدء التخطيط للتنقل المناخى فى سياقاتها الخاصة. يمكن أن يشمل ذلك النظر فى المناطق التى يتعرض فيها الناس للمخاطر البيئية، والتنبؤ بالمكان الذى من المحتمل أن ينتقلوا إليه. أشار تحليل حديث أجراه معهد سياسات الهجرة إلى أن الدول المانحة تخشى تمويل المشاريع الخاصة بالهجرة المناخية بسبب المخاوف السياسية وعدم اليقين بشأن أنواع المشاريع التى يجب تمويلها. لذلك، من الأهمية بمكان أن يقوم مؤتمر الأطراف السابع والعشرون فى شرم الشيخ بتعبئة التمويل بشأن هذه القضية.
بشكل عام، يصعب على الحكومات التفكير فى احتمال تحرك قطاعات كبيرة من سكان بلد ما إليها، بل إنه من الصعب تطوير استراتيجيات ملموسة حولها. على سبيل المثال، ما هى الوزارات الحكومية التى يجب أن تشارك، وما هى الإجراءات التنفيذية وحتى التشريعية التى قد تكون ضرورية؟ قد تكون زيادة التمويل الدولى للتكيف حافزا للحكومات لبدء التفكير فى هذا الأمر. وقد التزمت بالفعل البلدان الغنية بتقديم 100 مليار دولار لتمويل التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه. أين هو المال؟ وكيف يمكن أن يكون هذا التمويل متاحا للبلدان للتخطيط على وجه التحديد للهجرة بسبب المناخ؟ من أجل هذا، يجب أن يوفر مؤتمر الأطراف السابع والعشرون أطرا إرشادية للحكومات التى تسعى إلى الوصول إلى تمويل للتخطيط للهجرة الناجمة عن تغير المناخ.
ثالثا، يجب أن تدرك الأطراف فى قمة شرم الشيخ أن تغير المناخ سيمثل مشكلة بالنسبة للمدن. قد تشهد بعض المدن، ولا سيما المدن الساحلية، انخفاضا فى عدد السكان نتيجة لارتفاع مستوى سطح البحر. قد تشهد مدن أخرى غير ساحلية زيادات، لذلك سيكون رؤساء البلديات فى الخطوط الأمامية للهجرة المناخية. سيتعين تحقيق المشاركة بين السلطات التنفيذية للمدن الساحلية والمجتمع المدنى الدولى والمحلى لتنفيذ تدابير للتعامل مع احتياجات المهاجرين والمهاجرات من خدمات أساسية ودعما للإسكان والتوظيف. باختصار، ستحتاج هذه المدن إلى مزيد من الدعم المالى والفنى والسياسى لتلبية احتياجات الناس قاطنى هذه المدن بالفعل واحتياجات السكان الوافدين الجدد.
إجمالا، كوب 27 هو فرصة ليس فقط للاعتراف بأن الهجرة المناخية موجودة ولكن أيضا لإتاحة الدعم للحكومات التى ستشهد مثل هذا النوع من النزوح. صحيح تم إعاقة العمل بشأن الهجرة فى جميع أنحاء العالم بسبب الاستقطاب السياسى، لا سيما فى أوروبا والولايات المتحدة، لكن الحكومات بحاجة إلى الاعتراف بأن التحديات التى تفرضها الهجرة المناخية لن تتفاقم إذا تم إنشاء مسارات آمنة ومنظمة. يجب أن تتجاوز القمة الحالية التأكيدات العامة ــ التى ذكرناها أعلاه ــ إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لتوفير التمويل والدعم الفنى للحكومات والمجتمعات المدنية فى البلدان النامية. يجب أن تكون المناقشات حول برامج التأشيرات والأطر القانونية لاستيعاب النزوح داخل الدول المجاورة.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى: http://bit.ly/3T5VEG0 http://bit.ly/3Tb1uG5

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved