انتبهوا.. محرقة ملهى تلغى بطولة دولية!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 5 ديسمبر 2015 - 11:05 م بتوقيت القاهرة

أرجو أن تتنبه الحكومة وكل أجهزتها خصوصا الامنية إلى المعنى الخطير فى تأجيل إقامة بطولة العالم للإسكواش التى كان مقررا إقامتها فى الفترة من ١١ ــ ١٩ ديسمبر الحالى فى مصر. التأجيل تم صباح الجمعة بعد لحظات قليلة من حادث الهجوم على ملهى ليلى فى العجوزة، حيث اعتذرت المكسيك واستراليا ونيوزيلاندا وكولومبيا وجنوب أفريقيا. وقبل هذا الحادث كانت كل من إنجلترا وأمريكا وألمانيا وفنلندا وفرنسا وكندا اعتذرت، وبالتالى لم يكن ممكنا إقامة البطولة بعد اعتذار ١١ دولة، وهناك مخاوف أن يتم سحب تنظيم البطولة من مصر.
الهجوم على الملهى الليلى جنائى وليس إرهابيا ــ حتى الآن على الأقل ــ لكن الغريب ان غالبية وسائل الإعلام العالمية تعاملت معه فى الساعات الأولى، وكأنه إرهابى، وهكذا جاء الاعتذار عن عدم المشاركة فى البطولة.
قبل الحادث قالت تقارير ان إنجلترا قادت حملة لمنع إقامة البطولة فى مصر، وقبل ان نلوم لندن على هذا الأمر ــ إذا ثبت صحته ــ علينا ان نتأكد أولا من سد كل الثغرات الموجودة عندنا.
فى حادث العجوزة تأكدنا ان غياب الأمن العام أو الأمن الجنائى لا يقل خطورة عن تزايد العمليات الإرهابية.
الشرطة تلعب دورا كبيرا فى محاربة الإرهاب وتقدم بعض أرواح ابنائها ثمنا فى هذه المواجهة، لكن لديها مشكلة خطيرة فى الأمن العام.
سيسأل البعض مستنكرا: وهل وظيفة الشرطة الداخلية السهر على حماية الملاهى والكازينوهات، وحتى علب الليل؟!.
الإجابة هى أن وزارة الداخلية مسئولة عن حماية وأمن كل منشأة فى مصر طالما انها اعطت ترخيصا هى أو غيرها بتأسيسها أو بعملها.
الخطورة الحقيقية فى حادث «ملهى الصياد» الليلى ليس عدد الضحايا فقط، ولكن منطق الغابة الذى صار يحكم الكثير من علاقات المجتمع المصرى بدلا من القانون. وبغض النظر عن التفاصيل، فإن خلاصة ما حدث ان شخصا أو مجموعة أشخاص قرروا ان يحرقوا مكانا بكل من فيه، وهم يعتقدون أنهم سوف يفلتون من العقاب.
هنا هو الخطر القاتل الذى يهدد كل مصر، صارت هناك قطاعات واسعة تأخذ حقها بيديها، لانها لا تؤمن بحكم القانون، أو يئست من تطبيقه.
القضية ليست حادث الملهى رغم ضخامة عدد الضحايا، لكن الآثار المترتبة عليه، حيث ان وسائل الإعلام العالمية، وضعته فى سياق فقدان الأمن والاستقرار فى مصر، وهكذا جاءت سلسلة الاعتذارات المتتالية عن بطولة العالم للإسكواش. وإذا استمر هذا السياق ــ لا قدر الله ــ سنتفاجأ باعتذارات مماثلة فى قطاعات أخرى اقتصادية وسياسية بعد الاعتذارات الرياضية والسياحية . والنتيجة أن الرهان على استقبال سياحة أو استثمارات أجنبية سيتضاءل كثيرا للأسف.
هل يتآمر البعض علينا؟! ربما يكون الأمر صحيحا وربما نتخيل أو نبالغ؟!. لكن وبغض النظر عن الإجابة علينا التأكد ــ مرة أخرى ــ من اننا نؤدى دورنا وواجبنا ونسد كل الذرائع داخلنا قبل ان نلوم الاخرين.
الأمن العام يتراجع للأسف فى مجالات كثيرة، مثل حوادث الاختطاف، التى تجرى تسويتها بدفع الفدية بعيدا عن الشرطة، واحيانا بعلمها والبلطجة تتزايد، وإذا اضفنا إلى كل ذلك، الحوادث الكارثية التى تورط فيها بعض ضباط وأمناء الشرطة أخيرا ضد مواطنين من الأقصر إلى الإسماعيلية مرورا بالقليوبية، فسوف تكتمل صورة بالغة السوء والقتامة.
المطلوب ان يصل للناس ــ وبسرعة شديدة ــ الإحساس بالأمن العام، والأهم ان تصل الرسالة بأسرع ما يمكن إلى اللصوص والبلطجية والفتوات انهم سيدفعون ثمنا فادحا إذا خالفوا القانون. من دون حدوث ذلك فإن ما حدث فى العجوزة صباح الجمعة سيتكرر فى أماكن كثيرة، وبصورة أكثر فجاجة.
السؤال: ماذا يمكن لوزارة الداخلية ان تفعل، وماذا يمكن للبرلمان الجديد أن يفعل، وهل بعض النواب الذين وصلوا بالرشاوى المتنوعة قادرون على مواجهة هذا النوع من البلطجية، وماذا يمكن لبقية أجهزة ومؤسسات الدولة ان تفعل؟!.
على الجميع أن يدرك القاعدة الذهبية انه فى اللحظة التى يفقد الناس إحساسهم بالأمن، سيكفرون بالقانون، خصوصا إذا كان يتم تطبيقه بالمزاج!.
الأمر خطير.. حادث ارتكبه بعض البلطجية والسكارى، دفعت ثمنه مصر بأكملها من سمعتها، وربما تدفع أكثر فى المستقبل لا قدر الله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved