ترامب استغل غلطة سليمانى.. ونتنياهو هو المستفيد الأكبر

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الإثنين 6 يناير 2020 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة Haaretz مقالا للكاتب Aluf Benn... نعرض منه ما يلى:
أراد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجنب التورط فى حرب أخرى فى الشرق الأوسط بعد الفشل الأمريكى فى العراق والحرب التى استمرت 18 عامًا فى أفغانستان. لقد أدرك أن الرأى العام الأمريكى يعارض العمليات العسكرية خارج الوطن، لذلك لجأ إلى توجيه تشديد الخطابات والعقوبات ضد إيران ودعم المملكة العربية السعودية وإسرائيل. ولكن مثله مثل أسلافه، أدرك ترامب أن الشرق الأوسط يفرض نفسه على السياسة الخارجية الأمريكية حتى لو لم تعد الولايات المتحدة تعتمد على نفط المنطقة وعلى الرغم من ميلها للتركيز على التحدى الذى تشكله الصين فى آسيا.
ابتعاد ترامب عن الرد العسكرى على إيران بعدما استهدفت المنشآت النفطية فى السعودية أثار قلقا بين حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة. خافت إسرائيل من أن تصبح مكشوفة أمام تهديدات قاسم سليمانى ومؤامراته وأحصت عدد الصواريخ التى يمكن لإيران إطلاقها من أراضيها مباشرة ضد إسرائيل وحذرت من أن الحرب القادمة تقترب. إن الضعف الذى أظهرته الولايات المتحدة كان ينظر إليه على أنه إغراء لإيران لتكون أكثر جرأة.
ابتعد الصدام بين إيران والولايات المتحدة لفترة طويلة عن العراق، والتى تعتبرها إيران دولة عميلة، وتعتبرها الولايات المتحدة نقطة محورية. بعد سلسلة من الأحداث فى أماكن متفرقة، استهدف الإيرانيون السفارة الأمريكية فى بغداد. ليس من الصعب تخيل النتيجة السياسية لأزمة رهائن أخرى فى طهران مثل التى حدثت فى عام 1979 والتى نتج على إثرها تقاعد جيمى كارت بعد ولاية واحدة بسبب فشله فى تأمين الإفراج عن الرهائن... فهى حتما ستكون كارثة لإعادة انتخاب ترامب. وإذا لم يكن ترامب ومعاونوه يتذكرون هذه الواقعة، فحتما سيتذكرون ما مثله الهجوم على السفارة الأمريكية فى بنغازى عام 2012 من ضربة قاضية لمنافسته هيلارى كلينتون.
قتل سليمانى أعاد عجلة القيادة لترامب، فكان بمثابة تأكيد على بقاء الولايات المتحدة فى المنطقة والحفاظ على مصالحها فيها. اختيار الهدف وطريقة التنفيذ كان عبقريا: فهو هدف يعرفه الجميع لم يسفر عنه قتل للمدنيين أو إصابة أمريكيين. فمن الواضح أن الرئيس أدرك أن الثمن السياسى لعدم الرد سيكون أكبر من الانتقادات حول خطر التورط فى حرب التى تأتى من خصومه الديمقراطيين والانفصاليين الجمهوريين.
خطأ إستراتيجى
كان سليمانى معجبا بأعداد متابعينه الذين يشاركون صوره وأعداءه الذين يمجدونه. ليس هناك شك فى أنه كان قائدًا شجاعًا وأن زياراته المتكررة والمعروفة لخطوط المواجهة عززت موقفه بين شركائه ومن يقع تحت قيادته. أظهرت تحركاته المفتوحة فى مطار بغداد مع قادة ميليشياته ثقة كبيرة وتجاهلا للقواعد الأمنية الأساسية.
ولكن خطأه الأكبر كان استراتيجيا وليس تكتيكيا. مع كامل الاحترام لجرأته، فلقد ترأس قوة صغيرة نسبيا تمتعت على مدى العقد الماضى بحرية حركة لطالما أنها تخدم مصالح الولايات المتحدة، أو على الأقل لم تهددها. فتعاون مع الولايات المتحدة فى القضاء على العدو المشترك، داعش، وتصالح الأمريكيون مع موقفه من إنقاذ نظام الرئيس بشار الأسد فى سوريا. ولكن فى اللحظة التى عمل فيها بشكل مباشر ضد مصالحهم، تم القضاء عليه، مثلما تفعل إسرائيل مع شخصيات بارزة من حماس والجهاد الإسلامى فى قطاع غزة.
الآن تُهدد إيران بالانتقام، والإنترنت ملىء بالتعليقات حول الهجمات المتوقعة. ولكن حتى إذا تم العثور على وسيلة مناسبة للرد، لا يجب نسيان ميزان القوة... لا يوجد لدى إيران القدرة على إيذاء الولايات المتحدة، وهى مكشوفة تماما أمام القوة العسكرية الأمريكية التى يمكنها تدمير المنشآت النووية الإيرانية وصناعتها النفطية واستهداف قادة النظام دون بذل مجهود كبير. من المحتمل وجود خطط مفصلة فى أدراج البنتاجون لتدمير هذه الأهداف من الجو. إذا تجرأت إيران وهاجمت الولايات المتحدة، فلن ينتهى ذلك لصالحها.

هدية العام الجديد
بدت تحذيرات رئيس أركان الجيش الإسرائيلى أفيف كوخافى، التى بدت منفصلة عن الأجندة الإسرائيلية قليلا والتى تركز على مصير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فجأة أكثر واقعية. بينما خسر كوخافى ما اعتبره خصمه الرئيسى ــ وسيتعين عليه العثور على خصم جديد ــ من الآن فصاعدًا سوف يُستمع أكثر لكلامه، وسوف يوافق كبار مسئولى الخزانة على مطالبه المتعلقة بالميزانية.
كان نتنياهو هو المستفيد الأكبر من مقتل سليمانى. حظى رئيس الوزراء بأسبوع ناجح بدأ بقمع التظاهرات التى يقودها جدعون سار، تلاه تحفظ محكمة العدل العليا بشأن عقد جلسة استماع حول إمكانية رئيس الوزراء تشكيل الحكومة بعد توجيه تهم جنائية له، تلاه طلبه للحصانة والذى سيعطل لوائح الاتهام فى الكنيسيت لفترة طويلة. ثم جاء التحرك الأمريكى الذى أعاد «الوضع الأمنى» إلى العناوين الرئيسية بدلا من عناوين الفساد.
لكن ما زال الوقت باكرا للحديث عن حكومة وحدة. سيتعين على إسرائيل أولا اجتياز الانتخابات، ويعد نقل التركيز من لوائح الاتهام إلى حماية البلاد والتهديد الإيرانى هو هدية العام الجديد لنتنياهو... ليس فقط لأنه معروف بتحذيراته ضد إيران، ولكن أيضًا بسبب الهدف السياسى الذى يعتمد عليه بقاؤه: زيادة إقبال الناخبين فى الليكود وتقليل إقبال الناخبين فى المجتمع العربى. المزيد من الناخبين فى مدينة بات يام (52 بالمائة فى انتخابات سبتمبر) وأقل فى مدينة سخنين (72 بالمائة فى سبتمبر) سينقذون نتنياهو من المحاكمة وإبعاده من منصبه وسيجعل من السهل ضم بينى جانتس ويائير لبيد إلى صفه وتحييدهما.
سوف يساعد الوضع الأمنى نتنياهو فى استرجاع أصوات الناخبين اليمينيين الذين ابتعدوا عنه بسبب تهم الفساد التى سيتم وضعها جانبا لإنقاذ البلاد من التهديد الإيرانى. من ناحية أخرى، فإن الحديث عن الحرب والطوارئ ينأى بمشاركة القائمة العربية إلى حد كبير فى تحالف مستقبلى مع ائتلاف أزرق أبيض ويبعد الناخبين العرب عن المشاركة. لذلك يعتمد بقاء نتنياهو على نجاحه فى الحفاظ على الأجندة الأمنية فى العناوين الرئيسية فى الأسابيع الثمانية القادمة.


إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى
http://bit.ly/39zh9JQ

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved