تحية إلى أبو الفتوح

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 6 مارس 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

اللغة السياسية التى تحدث بها الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده أمس راقية ومحترمة، ونرجو أن تسود فى الوسط السياسى المصرى الذى يعانى من فرط بذاءة وتهجم وعدوانية منقطعة النظير يمارسها كثير من السياسيين من دون أن يرمش لهم جفن.

 

 الرجل أعلن مشاركة حزبه «مصر القوية» فى الانتخابات حتى لا يسيطر فصيل واحد معين على السلطة، مع احترامه الكامل لأولئك الذين قرروا مقاطعة الانتخابات، مع رفضه انفراد حزب معين بالرئاسة أو مجلس النواب ورفضه أيضا أى تمويل أجنبى للأحزاب، أو استخدام للمال السياسى إضافة بالطبع إلى ضمانات نزاهة الانتخابات، وفى قلبها عدم استخدام دور العبادة فى الدعاية الانتخابية.

 

وللموضوعية فإن بعض القيادات والكوادر داخل أحزاب المعارضة يفكرون بمثل طريقة تفكير أبوالفتوح وحزبه، هم لديهم شكوك فى ضمانات نزاهة الانتخابات، لكنهم يعتقدون أن المقاطعة يمكن أن تكلفهم ثمنا سياسيا فادحًا.

 

وللإنصاف أيضا فإن قرار المقاطعة يصعب وصفه بالخاطئ، لأنه مبنى على وقائع حقيقية موجودة على الأرض، وبالتالى كان الله فى عون الذين اتخذوه لأنهم يواجهون يوميا انتقادات واسعة ليس فقط من بعض قواعدهم الشعبية، بل من عواصم أجنبية كبرى كانوا يعتقدون أنها ظهير لهم.

 

بالطبع ليس ذلك هو الوقت المناسب لإلقاء خطب أو إعطاء مواعظ لجبهة الإنقاذ عن خطأ قرار، بل هو نصيحة مخلصة أن يفكروا فى بديل ثالث.

 

هذا البديل من وجهة نظرى يتمثل فى أن هناك احتمالا ولو بنسبة واحد فى المائة أن تقرر جبهة الإنقاذ تحت أى ظرف من الظروف أن تخوض الانتخابات فى اللحظة الأخيرة وحتى لا تتفاجأ وقتها بأنها تبدأ من الصفر، فعليها أن تستعد من الآن لهذه اللحظة.

 

 يعزز هذا الاحتمال الواقع الذى وجدت فيه جبهة الإنقاذ نفسها عندما قررت المشاركة فى الاستفتاء على الدستور فى منتصف ديسمبر الماضى، بعد أن كانت دعت بوضوح إلى المقاطعة.

 

 هذا الاستعداد على الأرض لن يذهب سدى حتى لو استمرت الجبهة فى المقاطعة لأنها ستكون قد نزلت إلى المواطنين وشرحت لهم موقفها ولماذا هى مصرة على قرار المقاطعة. والأهم من ذلك أنها عندما تفعل ذلك عليها أن تتخذ موقفا واضحا تدعو فيها أنصارها للتصويت لأحد الأحزاب أو القوائم.

 

كلام أبوالفتوح الخاص بعدم ترك الساحة السياسية برلمانا أو رئاسة لسيطرة فصيل واحد كلام مهم للغاية وعلى جبهة الإنقاذ أن تفكر فيه بصورة جادة.

 

فى العمل السياسى لا يوجد قرار صحيح أو قرار خاطئ طوال الوقت، بل هناك قرار صحيح فى وقت محدد، وقد يصبح خاطئا بل وقاتلا فى وقت آخر مثل قرارات مبارك المتأخرة أثناء اندلاع الثورة.

 

من خلال رد فعل الإخوان على قرار الجبهة بالمقاطعة، ومن خلال الموقف الأمريكى اثناء زيارة جون كيرى الأخيرة للقاهرة، يمكن الاستنباط بأن الرهان على ضغوط داخلية أو خارجية على الإخوان فى هذا الصدد قد تكون قليلة، وبالتالى على قادة جبهة الإنقاذ التفكير مليا فى بدائل.

 

مرة أخرى ليست الكلمات السابقة دعوة للمعارضة كى تغير قرارها، بل لتدرس كل البدائل فى إطار كل المتغيرات، بحيث لا يأتى وقت تندم فيه على هذا القرار.

 

كل ما أرجوه أن تدرك قوى المعارضة اننا نعيش لحظات فارقة فى تاريخنا السياسى وبناء على القرارات والتحركات والتحالفات التى تتخذ الآن سوف يتشكل مستقبل مصر.

 

نسأل الله أن يلهم القيادات فى جميع الأحزاب فى الحكومة والمعارضة، وفى حزب النور وجماعة الإخوان وفى الرئاسة أن يتخذوا القرار الصحيح لمصلحة الوطن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved