مطاردة اللصوص

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الأحد 6 أبريل 2014 - 6:35 ص بتوقيت القاهرة

هل فشلت مصر عبر مؤسساتها فى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لمبدعيها، وان المؤتمرات والاجتماعات التى عقدت على مدار العامين الماضيين لمواجهة الازمة كانت كالافلام الصامتة؟ وهو ما دفع بعض منتجى وموزعى الأفلام السينمائية لأن يأخذوا حقوقهم بأيديهم من مافيا القنوات التى تسطو على أعمالهم.

القنوات الفضائية التى انتشرت كالوباء، تسببت فى خسائر فادحة للمُنتج السينمائى، بعرضها للافلام الحديثة على شاشاتها بطرق غير مشروعة، ومازال نزيف الخسائر مستمرا، فهى لا تدفع اى مقابل لبثها ليضيعوا بذلك كل الفرص على اصحاب هذه الافلام لبيعها سواء عرض اول أو حتى ثان أو ثالث.

بعض ملاك الافلام انتفضوا وبادروا بقيامهم بدور المخبر السرى، وتفرغوا لعمل تحريات عن اماكن واوكار قراصنة الفضائيات، وبالفعل نجحوا فى الوصول إلى بعض هؤلاء المرتزقة، وابلغوا عنهم شرطة المصنفات، لكنهم لم يتمكنوا سوى من القبض على ملاك قناة واحدة أو اثنتين على الارجح، ومازال الكثير من لصوص الافلام واوكارهم مجهولى العنوان، ومازالت الافلام المصرية الحديثة تعرض وحقوقها مهدرة.

الجميع يعلم ان عائد بيع الفيلم للقنوات الفضائية، اصبح هو الركيزة الاساسية لتعويض المنتج بعد معاناة دور العرض من عدم الاقبال الجماهيرى عليها، لدرجة ان منتج وموزع الفيلم يبيعه لإحدى الفضائيات قبل تصويره مثله مثل منتج المسلسلات التليفزيونية، وقد قال لى احد المنتجين النشطاء فى الفترة الحالية انه لا يريد ان يعرض فيلمه فى دور العرض اكثر من اسبوع واحد، لأنه باعه بالفعل لفضائية، وسألته مندهشا: لماذا تفعل ذلك على الرغم من أن فيلمك حقق نجاحا كبيرا فى المهرجانات وفاز بجوائز جعلت الجمهور متعطشا لمشاهدته فى السينمات؟، فأجابنى: «بيدى لا بيد عمرو»، وأخبرنى انه ضمن نصف مصاريف فيلمه بالبيع التليفزيونى الحصرى لإحدى القنوات الفضائية عملا بمبدأ «عصفور فى اليد خير من عشرة على الشجرة».

تصوروا.. كان فى الماضى القريب، يبكى صناع السينما الجادة من عدم اتاحة الفرصة لعرض افلامهم تجاريا، عندما كانت تحتكر القاعات نوعية واحدة من الافلام ذات التوليفة التجارية البحتة طوال مواسم الذروة.. كانوا يشكون ويشعرون بالظلم، لأن اعمالهم تبقى حبيسة العلب لمدة عامين وربما ثلاثة.. الآن أصبحوا يهربون من دور العرض خوفا من الخسارة، وتحسبا لأن تسرق الافلام خلال الساعات الاولى لعرضها قبل بيعها.

المسألة بحق تحتاج إلى وقفة جادة وتكاتف من الجميع ، وتعديل قوانين الحماية الهشة التى لا تقتص من لصوص السينما، وكفانا ما حدث من تخاذل تجاه تراثنا الذى فرطنا فى جزء كبير منه بالإهمال والتواطؤ، ناهيك عن الجزء الذى بيع بثمن بخس بطريقة متعمدة وكأنها مؤامرة حقيقية على تاريخنا السينمائى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved