تغيير وجه العلاقات الصينية الأمريكية

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الثلاثاء 6 أبريل 2021 - 8:30 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع بورجيكت سينديكيت مقالا للكاتبتين AnneــMarie Slaughter وSamm Sacks تقترحان فيه أسلوبا مختلفا لتعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والصين ووقف تدهور العلاقات بينهما من خلال إشراك النساء فى الإدارة الأمريكية فى حوارات على نطاق واسع مع الصين مع التركيز على القضايا التى تهم الطرفين، وهو ما تقترحانه الكاتبتان من وسيلة لتخفيف حدة المناقشات... نعرض منه ما يلى:
تشير الكاتبتان إلى شدة تدهور العلاقات الصينية الأمريكية فى الآونة الأخيرة. وحتى بعد القمة الثنائية الأخيرة فى ألاسكا ــ أول محادثات رفيعة المستوى بين البلدين منذ تولى الرئيس جو بايدن منصبه ــ لم يعد من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تدرك المطلوب لإحياء هذه العلاقات.
قال وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكين إن علاقة أميركا بالصين، على الرغم من بعض جوانبها «العدائية»، تشتمل أيضا على جوانب «تعاونية». لكن رأت الكاتبتان أن قمة ألاسكا لم تُـعـط أى إشارة تُـذكَـر إلى الجوانب التعاونية، مع تبادل بلينكين ومستشار الأمن الوطنى جاك سوليفان لتعليقات حادة علنا مع المسئولين الصينيين.
قال بايدن إنه فخور ببلينكين لأنه ظل جالسا حتى نهاية خطبة مسهبة معادية لأمريكا، لكنه أقر بأنها لم تكن بداية عظيمة لعلاقة إدارته مع الصين. ويبدو أن الأمل الآن يتمثل فى مصادفة جون كيرى، المبعوث الرئاسى الخاص لشئون المناخ، المزيد من الحظ فى المحادثات المقبلة مع نظيره الصينى فى منطقة أعرب الجانبان عن رغبتهما فى التعاون فى إطارها.
***
ترى الكاتبتان أن ما هو مطلوب حقا لتحقيق التعاون بين البلدين هو وجود حوار على نطاق واسع. فى الاجتماع الأخير فى إطار الحوار الاستراتيجى والاقتصادى بين الولايات المتحدة والصين، الذى عُـقِـد فى بكين فى عام 2016، ضم الوفد الأمريكى الضخم بقيادة وزيرى الخارجية والخزانة مسئولين معنيين بقضايا مثل سياسة المناخ، وصحة المحيطات، ومكافحة الإرهاب، ومنع الانتشار النووى، والأمن الغذائى، وممارسات سلاسل توريد المعادن. وتم التوصل إلى اتفاقيات فى كل من هذه المجالات.
تدعو الكاتبتان لتخيل موقف الولايات المتحدة على الطاولة، إذا عُـقِـدَ مثل هذا النوع من الحوار بين الولايات المتحدة والصين اليوم. كانت وزيرة الخزانة جانيت يلين لتجلس بجوار بلينكين.
كان ليحضر الاجتماع أيضا العديد من النساء غيرها: وزيرة التجارة جينا رايموندو، والممثلة التجارية كاثرين تاى، ورئيسة مجلس المستشارين الاقتصاديين سيسيليا راوس، والمستشارة الوطنية للمناخ فى البيت الأبيض جينا مكارثى (أول شاغلى هذا المنصب)، ومديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية القادمة سمانثا باور. وكان لينضم إليهن مدير وكالة الحماية البيئية مايكل ريجان، ووزير الصحة والخدمات الإنسانية زافيير بيسيرا، والمدعى العام ميريك جارلاند.
مثل هذه المجموعة المتنوعة من المسئولين الأميركيين ــ أكثر من نصفهم من النساء ــ فى مواجهة كتيبة من الرجال الصينيين ستشكل صورة لافتة للنظر. لكن الأمر لا يتعلق بالصورة المرئية وحسب: إن وضع مجموعة أكثر تنوعا، تضم العديد من النساء المؤهلات بشكل استثنائى، فى صدارة المشاركة الأميركية الصينية من شأنه أن يساعد فى تغيير لهجة المناقشات وكسر الجمود.
على ذات المنوال، من الممكن أن تقترح الولايات المتحدة حوارا ثنائيا يقتصر على مناقشة الأمن السيبرانى وخصوصية البيانات، جنبا إلى جنب مع حوارات منظمة حول قضايا مثل تغير المناخ. وهنا، مرة أخرى، ستهيمن مجموعة من النساء على الجانب الأميركى من الطاولة. تضم هذه المجموعة آن نيوبيرجر (نائبة مستشار الأمن الوطنى لشؤون التكنولوجيا السيبرانية والتكنولوجيات الناشئة)، وجين إيسترلى (التى تنتظر تأكيد مجلس الشيوخ على تثبيتها فى منصب مدير الشئون السيبرانية الوطنية)، وميكى إيويانج (نائبة مساعد وزير الدفاع للسياسة السيبرانية). كما سيحضر مثل هذا الاجتماع شانون كو، وجينيفر داسكال، وميلانى هارت، وسينثيا كاراس.
الواقع أن وضع هؤلاء النساء فى الواجهة العامة للنصف الأمريكى من حوار السياسة السيبرانية بين الولايات المتحدة والصين سيكون مفيدا للنساء فى كل مكان. علاوة على ذلك، وكما هى الحال فى حوار منفرد موسع، من شأن السعى المتزامن وراء حوارات موجهة متعددة أن يسلط الضوء على تعقيد العلاقة الثنائية وأهمية التعاون فى نطاق عريض من القضايا.
***
تقول الكاتبتان أنه من المؤكد أن الاستعاضة عن المسئولين الذكور بنساء لن يجلب ببساطة الانسجام فى العلاقات الصينية الأمريكية. والمثال على ذلك ما حدث مع نائبة رئيس الوزراء الكندى كريستيا فريلاند، التى خاضت مفاوضات شاقة وغير مثمرة لإطلاق سراح مايكل سبافور ومايكل كوفريج، اللذين اعتقلا فى الصين واتهما بالتجسس، فى انتقام واضح من كندا لاعتقالها منج وانزو، مدير شركة هواوى المالى، بناء على طلب من الولايات المتحدة.
لكن المرأة قد تكون مناسبة تماما لهذا النوع من بناء العلاقات الذى تحتاج إليه السياسة الخارجية الـفَـعـالة. كما يعلم بايدن تمام العلم، فإن السياسة الخارجية ــ مثلها كمثل السياسة فى عموم الأمر ــ لا تُـدار على طاولة المفاوضات فحسب، بل وأيضا خارج نطاق العمل الرسمى، حول وجبة غير رسمية، للتعرف على المصالح والهويات المشتركة.
عندما كانت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، عملت على صياغة علاقة مع عضو مجلس الدولة الصينى داى بينج جيو، تستند جزئيا إلى التزامهما المشترك تجاه أبنائهما وأحفادهما. وقد ساعدت هذه العلاقة الولايات المتحدة والصين على تجاوز أزمة دبلوماسية كبرى.
اليوم، يجب أن يكون بناء مثل هذه العلاقات ــ وهو أمر ضرورى لتعزيز الثقة بين كبار المسئولين ــ أولوية قصوى لقادة الولايات المتحدة، بصرف النظر عن النوع الاجتماعى. ومن الممكن بناء هذا الجهد على علاقات تُـقام من خلال حوارات غير رسمية.
على سبيل المثال، أثناء انعقاد قمة ألاسكا، أُديرَت مناقشة خاصة بين نساء من الولايات المتحدة والصين وأوروبا عبر تطبيق زوم حول الرقابة على الإنترنت. تلتقى هذه المجموعة ــ التى تضم أجيالا متعددة من المسئولات الحكوميات، والأكاديميات، وقادة الأعمال، والمستثمرات، والصحافيات ــ بشكل منتظم لإجراء محادثات صريحة غير رسمية حول بعض الموضوعات الأكثر إلحاحا اليوم، من الشركات البادئة فى مجال الذكاء الاصطناعى إلى ضوابط التصدير والتكنولوجيا الحيوية. وقد تكون هذه العلاقات مفيدة للغاية للحكومات.
فى إشارة للكاتبتين لما قاله كيرى، فلن تقبل الولايات المتحدة أبدا انتهاكات الصين لحقوق الإنسان وتلاعبها بالتجارة فى مقابل التعاون المناخى. هذا هو النهج السليم. لكن التعاون بشأن تغير المناخ ــ فضلا عن الجائحات الـمَـرَضية، والجرائم الإلكترونية، وغير ذلك من التهديدات المشتركة ــ يظل يشكل أهمية بالغة. ولن يتسنى للولايات المتحدة إيجاد التوازن المناسب بين الجوانب العدائية والتعاونية (باستخدام عبارات بلينكين) فى علاقتها مع الصين، إلا من خلال حوار موسع (أو متعدد الجوانب) تقوده مجموعات مختلفة من الوجوه وتدعمه علاقات شخصية أعمق.

النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved