أخطاء الأطباء

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الجمعة 6 مايو 2016 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

كانت دائما الفوطة المنسية بعد إجراء جراحة لمريض محل تندر بأخطاء الأطباء إلى أن سجل تاريخهم أخطاء أكثر خطورة. إذا كان إعادة فتح الجرح لالتقاط الفوطة المنسية وإعادة إغلاقه بغرز من السلك أو الحرير أمر يمكن تقبله على مضض فكيف يكون الحال إذا ما استأصل الجراح كلية سليمة وترك وراءه للمريض الكلية المعطوبة! حدث هذا وتكرر ليس فى بلادنا فقط إنما فى بلاد على أعلى مستويات الرعاية الصحية. الفارق الوحيد أنه فى بلادنا يستسلم المريض لقدره ويلجأ إلى الله سبحانه، لا أحد غيره. أما فى تلك البلاد البعيدة فعلاج وتصحيح الخطأ مسئولية الدولة بالكامل وحدث ولا حرج عن الملايين التى يتلقاها المريض من باب التعويض يكفلها نظام تأمين الأطباء على أنفسهم فى مواجهة أخطاء المهنة.

مع التطور العلمى الهائل تزيد فيما يبدو الأخطاء حتى أن دراسة علمية بالغة الأهمية نشرتها الدورية العلمية المرموقة BMJ فى عددها الصادر فى شهر أبريل جاء محورها أخطاء الأطباء.

تؤكد الدراسة أن الخطأ الطبى يأتى فى الموقع الثالث بعد أمراض القلب والشرايين وأمراض السرطان كسبب لوفاة الإنسان فى الولايات المتحدة الأمريكية. أما لماذا تصل حالات الوفاة نتيجة لأخطاء الأطباء إلى متوسط يربو على ٢٥٠.٠٠٠ فى السنة فلأن سبب الوفاة وإن أشار إلى خطأ ما فإن الأمر لا يبدو أبدا واضحا. على سبيل المثال إذا ما كان الخطأ ناجم عن تدخل باستخدام قسطرة القلب والشرايين فإن سبب الوفاة يصنف هبوطا جاء بالدورة الدموية!

شهادة الوفاة فى مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية تتم بطريقة إلكترونية وتكتب وفقا لمجموعة أكواد «جمع كود» الغرض منها لا يقف عن حدود تحديد سبب الوفاة وتبعاتها إنما يتعدى ذلك إلى كونها وثيقة محاسبية تشير إلى تكلفة علاج المريض قبل الوفاة.

تشير الدراسة إلى أن الاهتمام بتحديد تكلفة العلاج يطغى على أهمية تحديد سبب الوفاة وأن الأسئلة التى يتحتم الإجابة عنها لتحديد سبب الوفاة قليلة لا تكفى لاستجلاء الحقيقة كاملة.

تضرب الدراسة مثلا بسيدة خرجت معافاة من المستشفى بعد عملية زراعة أعضاء لتعود فى كشف دورى كان يتحتم معه إجراء تحليل لعينة من الكبد، أصاب الطبيب كبدها إصابة لم ينتبه لها فى حينها فأرسلها لمنزلها لتعود مصابة بنزيف داخلى كثيف وتوقف قلبها فى المستشفى لتسلم الروح ويسجل أمام سبب الوفاة توقف القلب وهبوط حاد بالدورة الدموية دون الالتفات لسبب الوفاة الرئيسى وخطأ الطبيب فى إجراء وسيلة التشخيص.

تنتهى الدراسة التى شملت فحص أكثر من مليون شهادة وفاة من مختلف المراكز الطبية ومستشفيات الولايات المتحدة لتحديد مدى فاعلية المعلومات فيها للأدلاء بحقيقة السبب الرئيسى للوفاة بتوصيات للأطباء والمسئولين عن النظام الصحى. أوصت الدراسة بمراجعة ما يكتب فى شهادات الوفاة وإضافة بند يجيب صراحة إذا ما كانت الوفاة بسبب خطأ إنسانى للطبيب. أوصت الدراسة أيضا بضرورة تطوير نظم وبرتوكلات التحكم فى احتمالات الخطأ الإنسانى للأطباء والممرضات كما أوصت أن تدعم الدولة حماية الأطباء من أخطائهم غير المبررة بالطبع بتدريس برامج تأهيل تشرح أهم الأخطاء التى يمكن أن تحدث ووسائل تلاقيها وتشجيعهم على تقديم اقتراحات فى هذا الشأن.

سادتى: هل لديكم تعليق؟ أرجو أن تتفضلوا بإبدائه أما أنا فلا تعليق لدى.. للأسف.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved