تحولات الخليج

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 6 يونيو 2017 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

دولة صغيرة، وفق المساحة والسكان، لكن تمتلك فوائض مالية كبرى تستخدمها فى لعب دور يتجاوز إمكاناتها الفعلية. هذه هى خلاصة دولة قطر. أبرز ما فى الأزمة الراهنة التى أدت بعدد من الدول من بينها مصر والسعودية والإمارات والبحرين إلى قطع العلاقات الدبلوماسية معها هى أن المسئولين فى قطر لم تكن لديهم القدرة على قراءة التفاعلات الجارية، وفهم التغير فى قواعد اللعبة فى المنطقة.
اعتمدت إستراتيجية قطر فى السنوات الماضية على قاعدة أمريكية على أراضيها، وعلاقات متميزة مع الإدارة الأمريكية فى عهد أوباما، وتكثيف استغلال المال بشكل مكثف بهدف مد الأذرع فى مختلف الملفات لصالح الأمريكان بالطبع، بحيث لا نكاد نرى منطقة ملتهبة فى المنطقة العربية دون أن نرى يدا لدولة قطر فيها من خلال الاتصال بالأنظمة تارة، أو بقوى المعارضة أو المليشيات المسلحة التى تمارس القتل تارة أخرى، وهى الحالة الشائعة فى معظم الصراعات العربية خاصة فى سوريا، وليبيا، وفلسطين، واليمن، ومحاولاتها التدخل فى الشأن المصرى.
اختلف المشهد. رحل أوباما، وجاء ترامب الذى يبدى تحفظا تجاه قطر، وتعقدت الأزمة السورية، ولم تدرك الإدارة فى قطر طبيعة التحولات فاتجهت إلى تكثيف العلاقات مع إيران، ورصدت مقابلات مهمة بين مسئولين قطريين وإيرانيين، ومدت يدها فى الملف اليمنى من خلال التواصل مع الحوثيين، والإخوان المسلمين على خلاف المصالح السعودية، فضلا عما يتردد على نحو غير مؤكد من تواصلها مع الأقلية الشيعية فى المناطق الشرقية من السعودية، وهو ما جعل الرياض تعتبر قطر تخطت الخط الأحمر فى العلاقات بين البلدين.
تفاعلات مهمة جرت خلال الثمانى والأربعين ساعة الماضية، على الرغم من أن بشائرها ظهرت منذ ما يقرب من شهر، جرت فيها محاولات رأب الصدع. الخاسر الأكبر فيما حدث، هم الإخوان المسلمون، الذين تمتعوا بالدعم، والغطاء، والمساندة خلال السنوات الأربع الماضية، وقدمت لهم أدوات إعلامية للتواصل، وترويج أفكارهم، واستخدامها ضد الحكم فى مصر. من المؤكد أن أى تسوية للموقف بين قطر ودول الخليج الأخرى سوف تنطوى على تغيير التوجهات تجاه الإخوان المسلمين، وكافة الفصائل المتشددة والمصنفة «إرهابية»، وتعديل مسار قناة «الجزيرة»، والحد من الدعم المادى الموجه إلى القوى الإسلامية، والمليشيات المقاتلة فى العديد من الدول. الخاسر الآخر هى تركيا، التى تبدو فى مأزق، أين تقف تجاه المعسكرين؟، إذا اختارت موقفا وسطا فإن ذلك سوف يترتب عليه تراجع فى دورها. بالطبع لا يجب أن يصل بنا التفكير إلى المقارنة بين الدولتين، قطر وتركيا، مثلما تمنى كثير من رواد «الفيس بوك»، وتصوروا أن تركيا مقبلة على مصير مشابه للمأزق الذى تواجهه قطر الآن. الوضع مختلف، تركيا دولة أكبر حجما وثقلا، كل ما هنالك أنها سوف تواجه تناقضات كثيرة فى السياسة الإقليمية تقلص من مساحة الحركة التى تتمتع بها.
الكويت وضعت نفسها فى قالب تحقيق المصالحة الخليجية، وهو الدور الذى لعبته فى عام 2014م وأدى إلى عودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى قطر بعد خلافات دامت ثمانية أشهر، ولكن هذه المرة لن تكون المصالحة بوعود، ولكن بقرارات ملموسة، لأن قطر ذهبت أبعد مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، فضلا عن أن الموقف الأمريكى لم يعد داعما لها، والإرهاب أصبح كابوسا إقليميا وعالميا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved