أيهما أفضل: التظاهر أمام القصر أم اقتحامه؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 6 يوليه 2012 - 8:30 ص بتوقيت القاهرة

أيهما أفضل أن يتظاهر المواطنون أمام القصر الجمهورى بصورة سلمية، أم يقتحمون القصر وكل القصور بصورة همجية فى ثورة لا تبقى ولا تذر؟!.

 

للمرة الثانية تبدأ حملة منظمة من جهات ـ تبدو غير منظمة ضد المتظاهرين ـ والشعار هيبة الدولة ومنصب الرئيس.

 

نتذكر كيف انتفض الجميع ضد مواطنين قرروا ممارسة حقهم كمواطنين وذهبوا إلى اللجنة العليا للانتخابات وسحبوا أوراق ترشيح أو استعلموا عن الترشيح، يومها قامت القيامة وسمعنا البعض يطالب برجم هؤلاء لأنهم تجاسروا وقرروا التصرف طبقا للقانون.

 

هؤلاء المنتفضون قالوا وقتها إن تجاسر البسطاء على الذهاب إلى اللجنة العليا فيه انتقاص لمقام الرئاسة، لكن لا أحد فيهم أخبرنا كيف تم الانتقاص؟.

 

قلنا لهم وقتها إن من حق الجميع أن يفعل ما يشاء طالما كان فى إطار القانون، وأن المرشحين الجادين هم الذين سيبقون فقط.

 

الآن بدأنا نسمع نفس النغمة التى تلوم البسطاء والمهمشين والفقراء لأنهم قرروا التظاهر أمام القصر الجمهورى فى مصر الجديدة بعد تولى الدكتور محمد مرسى منصب الرئاسة.

 

نتغنى ليل نهار بالديمقراطية الأمريكية التى سمحت لفتى أسود قدم والده من كينيا بأن يكون رئيسا لأمريكا، وننسى أن المظاهرات والاحتجاجات من كل شكل ولون أمام البيت الأبيض حيث يقيم أوباما.

 

هذه المظاهرات موجودة أمام كل قصور الرئاسة فى معظم البلدان الديمقراطية، ولم يخرج كتاب هذه البلدان للقول إن هذه الاحتجاجات تسىء إلى الرئيس أو منصبه أو هيبته.

 

يمكننا أن نتحدث ونتناقش ونختلف حول الشكل الأمثل للتظاهر والاحتجاج، لكن هذه النعرة فى رفض التظاهر أصلا كارثة.

 

قد نتفق أن الصور التى رأيناها لمواطنين يتسلقون جدران القصر أو يحاولون اقتحامه ليست جيدة. ويمكن أن نتفق على ضرورة تطبيق القانون فى تنظيم التظاهر وجميع مظاهر الاحتجاج، لكن أن يخرج علينا البعض ليطالب بتجريم التظاهر أمام القصر الجمهورى بحجة أن المصريين لم يكونوا يجرأون على المرور أمام هذا القصر، فهذا معناه أننا لم نتعلم شيئا، وأن مبارك وأجهزته كانوا على حق عندما اتهم الثورة بأنها فعل خارج على القانون.

 

معظم المحتجين أمام القصر الجمهورى أو أمام مجلس الوزراء والبرلمان هم فئات مطحونة ومهمشة وتعيش ليس فقط تحت خط الفقر، بل خارج أى نوع من الحياة الآدمية.

 

هؤلاء لا يملكون إلا صوتهم الذى يحتجون به على هذا التهميش.

 

السؤال هل نسمعهم ونتفهم مطالبهم، أم نتجادل فى تفاصيل تافهة مثل هل يسيئون إلى المنظر العام أم لا؟!.

 

بالطبع هناك حل مثالى وهو أن يدرس الرئيس محمد مرسى ليس فقط أوضاع هؤلاء المحتجين، بل مطالب كل الفئات المهمشة.

 

يمكن للرئيس أو من ينوب عنه الجلوس مع كل فئة تشعر بالظلم ويقول لهم: لقد درست مشكلتكم وسأحلها طبقا لجدول زمنى يتناسب مع ظروفنا. لا نريد حلولا فردية على طريقة المتسولين بل عبر مؤسسات تحل المشاكل بصورة جذرية تحفظ كرامة الفقراء.

 

لا أحد يطالب مرسى بالاستجابة لكل المطالب فى نفس التوقيت وإلا تعرض البلد بأكمله للإفلاس، بل إيصال رسالة عملية لكل المظلومين بأنه معهم.

 

إنشاء ديوان للمظالم شىء جيد، لكن الأهم منه أن يتم إنصاف المظلومين على أرض الواقع.

 

تطنيش هذه الفئات والتعالى عليها، سوف يدفعها لهجر الطريق السلمى والمحترم الذى تمارسه الآن إلى أساليب لا يعلم عواقبها إلا الله.

 

تخيلوا ماذا يمكن لهذه الفئات أن تفعل إذا شعرت باليأس خصوصا أنها لا تملك شيئا تخشى ضياعه.

 

إنصاف الفقراء هو أسهل الحلول وأقلها تكلفة إذا قورن بالعواقب الأخرى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved