هل ينجح السيسى فى احتواء الموقف؟

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: السبت 6 يوليه 2013 - 2:16 م بتوقيت القاهرة

إعداد/أيمن طارق أبوالعلا


كتب محمد عبد الله يونس. المدرس المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. تقديرا للموقف الدقيق الذى تمر به مصرنا، نشر بعنوان «تحديات معقدة.. تحولات المشهد السياسى فى مصر بعد عزل الرئيس مرسي» على الموقع الإلكترونى للمركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة. ركز الكاتب على ما اشتمل عليه خطاب الفريق أول عبدالفتاح السيسى من دلالات، حيث بدأ بتحليل التطورات الفاصلة التى شهدتها الساحة السياسية المصرية قبل الإدلاء بالخطاب، ثم تناول المعايير الأساسية التى تم بناء الخطاب عليها، ثم تطرق إلى ردود الفعل المتباينة التى لحقت الخطاب، ثم وصل إلى التحديات التى من المحتمل أن تواجه القوات المسلحة والقوى الوطنية نتيجة لهذا الخطاب.

 

●●●

 

يرى الكاتب أنه كانت هناك خمسة تطورات حاسمة أدت إلى انتهاج القوات المسلحة لهذا النهج، أولا استطاعة الاحتجاجات الشعبية فى 30 يونيو فرض واقع جديد أساسه تآكل شرعية نظام الإخوان بالإضافة إلى الانقسام والاستقطاب الشعبى، الأمر الذى أدى إلى إعطاء المؤسسة العسكرية لمهلة الـ48 ساعة كحد أقصى لحدوث التوافق وإلا ستتدخل لتدير حوار وطنى يسفر عن خارطة طريق تشرف عن إدارتها بنفسها.

 

التطور الثانى هو خطاب الدكتور محمد مرسى الأخير الذى أعلن فيه تمسكه بالسلطة والذى تضمن كذلك تهديدات ضمنية بإشاعة الفوضى والعنف فى حالة الانقلاب على الشرعية الانتخابية. أما التطور الثالث فكان وصول مصر إلى حالة من الفوضى الأمنية والتى كانت أوضح تجلياتها وأكثرها حدة هى الاشتباكات الدموية فى محيط جامعة القاهرة بين مؤيدى محمد مرسى وآهالى منطقة بين السرايات.

 

بالنسبة للتطور الرابع فهو وفقا ليونس كان التصعيد والاستقواء بالخارج من قبل قيادات الإخوان المسلمين وحلفائهم فى الجماعة الإسلامية حيث كان من ضمن خطابات تلك القيادات المؤكدة على ضرورة احترام الشرعية الانتخابية، خطابات باللغة الإنجليزية تهدف إلى مخاطبة الإدارة الأمريكية وشرح الموقف على أنه انقلاب عسكرى ضد رئيس شرعى. أما التطور الخامس والأخير فهى التهديدات التى مثلتها حركة حماس وخطورة اختراقها لسيناء كخطوة لمناصرة حلفائها من جماعة الإخوان المسلمين مما جعل الجيش يقوم فى حركة استباقية بتعزيز تواجده الأمنى هناك.

 

●●●

 

وفيما يخص المعايير الذى بنى عليها الجيش قراره بالتدخل لاحتواء الموقف وحل الأزمة فيمكن تلخيصها فى خمسة معايير؛ المعيار الأول هو الاستناد إلى القوى الشعبية فى الشارع حيث استعرض بيان الفريق السيسى محاولات القوات المسلحة لرأب الصدع بين الفرقاء منذ الإعلان الدستورى 2012 الذى اثار الكثير من الجدل، إلا أن الانقسام فى الوطن تطور لدرجة أصبح فيها تهديدا للأمن القومى فلزم التدخل. المعيار الثانى سماه الكاتب «جماعية المشهد» حيث ذيل خطاب السيسى ببيانات صغيرة لممثلين عن القوى الدينية والشبابية والوطنية فى شكل رمزى للتوافق الوطنى وعدم الإقصاء.

 

بالنسبة للمعيار الثالث فكان الالتزام من جانب القوات المسلحة بتأمين عملية انتقال السلطة ورعاية تنفيذ خارطة الطريق. والمعيار الرابع فهو أن قرار الجيش بالتدخل لحل الأزمة لا يعنى هدم الاستحقاقات التى تم إقرارها بعد ثورة 25 يناير وإنما هو تصحيح لمسار تلك الثورة. أما المعيار الخامس فهو عزوف المؤسسة العسكرية عن التدخل فى السياسة، فهو ليس انقلابا عسكريا فالترتيبات التى اتخذت لا تتضمن أى دور مباشر للجيش.

 

●●●

 

يقول الكاتب أن ردود الفعل على بيان الفريق السيسى أثار عاصفة من ردود الفعل من جميع الأطراف. لقد عمت الاحتفالات الشوارع والميادين التى شهدت التظاهرات المنددة بحكم الإخوان وفى الوقت نفسه رحبت مختلف التيارات السياسية المدنية بالبيان فى حين تحفظ بعضهم على فكرة إغلاق القنوات المؤيدة لبقاء الدكتور مرسى فى السلطة. فى الجهة الأخرى نجد قيادات الإخوان رفضت تماما هذا الخطاب وتم بث خطاب مسجل بصورة رديئة منذ عدة أيام للدكتور مرسى يدعو فيه إلى التمسك بالشرعية وخطاب آخر له تم نشره بعدها على مواقع التواصل الإجتماعى يتهم فيه الجيش بتنفيذ انقلاب عسكرى على السلطة. ونجد الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح تدعو إلى الاحتشاد فى الميادين لرفض الإجراءات التى اتخذتها المؤسسة العسكرية.

 

وفى نفس الإطار نجد بعض حلفاء الإخوان قد انقلبت مواقفهم وسعوا إلى التهدئة، وفى مقدمتهم طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية والشيخ أبو إسحاق الحوينى والشيخ محمد حسان. ويتوقع الكاتب أن يكون لمشاركة حزب النور والدعوة السلفية فى الحوار الذى أقامته المؤسسة العسكرية أثر مهدئ ولو جزئيا لمواقف حلفاء الإخوان.

 

●●●

 

هناك عدة تحديات من المتوقع أن تواجهها التيارات المدنية والمؤسسة العسكرية بعد هذا البيان، ويعد فى مقدمة هذه التحديات، تحد خطير وهو العنف والتصعيد المعلن من قبل الإخوان والتحريض على القوات المسلحة والكنائس. ونجد أيضا لتحدٍ آخر أهمية كبيرة وهو تحدى الضغوط الخارجية خاصة الأمريكية منها، حيث أن الرأى المتداول هناك أن ما حدث فى مصر هو انقلاب عسكرى مما قد يتيح الفرصة للولايات المتحدة كى تمارس ضغوطا على مصر، وهو الأمر الذى يستوجب تحركا سريعا للخارجية المصرية كى توصل الصورة صحيحة وأن الموقف جاء متوافقا مع الإرادة الشعبية.

 

وفى الختام يمكن أن نقول ان هناك تحديات أخرى يمكن أن تواجه القوى المدنية فى المستقبل مثل الانقسام حول الترتيبات التى يتم طرحها كما أنه من المرجح أن تعترض بعض القوى السياسية على الإجراءات التى سوف تتخذها القوات المسلحة لتأمين مسار انتقال السلطة، خاصة القوى التى يقترب فكرها من فكر الإخوان وهو ما يعقد الصورة أكثر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved