وداعا زويل: العلم فينا وربنا مش ناسينا!

حسام السكرى
حسام السكرى

آخر تحديث: السبت 6 أغسطس 2016 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

«الحياة فيها معادلة غريبة. حين تفقد مصر أحمد زويل، الأقدار والسماء ترسل لنا زويل آخر لسه فى دور التكوين». عبارة قالها مفيد فوزى فى مداخلة تليفونية مع مصطفى بكرى، أثناء لقاء الأخير مع تلميذ فى الصف الثانى الإعدادى، يوصف إعلاميا بأنه «البروفيسور الصغير».

أمام خلية الطاقة الشمسية تباع مع بعض لعب الأطفال، ونموذج كارتونى لمصنع مزين برءوس أعواد الثقاب، يتحدث البروفيسور بثقة عن كل شىء، من الطاقة المتجددة إلى المفاعلات النووية، ومن علاج السرطان إلى النانو تكنولوجى. ومن «جلطة الذهب» التى يشرح لنا طريقة تكونها فى الدم إلى أمراض سيقان القلقاس!

الإعلام يحفل بتصريحات الطفل الخارق بعد أن استقبله فى مجلس النواب رئيسه الدكتور على عبدالعال، وبعد أن احتفلت محافظة البحيرة بحصوله على لقب «أصغر بروفيسور» قبل شهادة الإعدادية.

أطالع تصريحاته عن حب مصر ورفض اللجوء لروسيا لمتابعة أبحاثه، والانتصارات المبهرة التى قام بها فى مختلف المحافل العلمية وأتساءل:

ــ من المسئول عن انتهاك براءة طفل والمتاجرة به، وتحويله إلى «فهلوى» فضائيات ومواقع؟ لا شك عندى فى أنه نابه كغيره من أطفالنا فى هذا العمر، ولكن تم تدريبه على التزلف للمسئولين، واستغلال الجهل المطبق الذى يعانى منه إعلاميو المرحلة، وإعلاميو كل مرحلة ولدينا هنا نموذج لكل منهما.

ــ ما هى طبيعة هذه المنظومة الشاذة التى لا ترى من العلم إلا كل ما هو دجل أو نصب أو كذب أو ادعاء. وكيف تتضافر جهودها حصريا لتكريم الجهل والاحتفاء به دون أن يقلق أو ينزعج أو يحتج أحد؟ النماذج كثيرة (بالمناسبة اليوم السابع كتبت عن طالبة ثانوى اخترعت غواصة لا ترى بالرادار، مجهزة بحيث «يمكن لمريض القلب والضغط استخدامها حتى نستغل مواهبه وأن يضع بصمته فى الحياة، بدلا من حرمانه من هذا العمل الذى قد يحبه ولكن مرضه يمنعه». المخترعة تم تكريمها فى مقر وزارة الدفاع المصرية بواسطة الفريق صدقى صبحى، رئيس الأركان فى ذلك الوقت، واللواء محمد العصار).

ــ كيف استفادت مصر من زويل؟ صحيح أن الرجل قبل تكريم إسرائيل والتعاون مع جامعاتها علميا، فى الوقت الذى قاطعها فيه علماء آخرون احتجاجا على سياساتها العنصرية والاستعمارية، إلا أن قيمته العلمية حقيقة، ورجوعه لمصر كان واقعا. باستثناء استغلاله سياسيا واستخدام رغبته فى التقرب من كل سلطة لخدمة مشروعه، هل فكر أحد فى سبل «تفعيل زويل» أو مشروعه لخدمة مصر؟ هل حاول الرئيس الذى وجد لديه من الوقت والاهتمام ما يكفى لمصالحة شوبير ومرتضى منصور، أن يتدخل للمصالحة ولإنقاذ جامعة النيل من صراعها مع زويل، وحسم الأمر ولو على حساب الدولة للإفادة من المشروعين العلميين؟ لماذا تتوفر مساحة الوقت والاهتمام لسفاسف الأمور وللموهوبين فى الدجل العلمى فقط؟

الطريف أن الأصوات تعالت فى البرنامج المشار إليه تطلب من رئيس الجمهورية لقاء العبقرى النابه، رغم أن دعم الرئاسة على الأرجح موجود والعلاقة مع العبقرى قديمة. فطبقا لما نشرته صدى البلد على لسان الأب فى أغسطس الماضى، كان العبقرى ضيفا على الرئيس عبدالفتاح السيسى لمدة 4 أيام. وكانت هذه المرة الثانية التى يتم استضافته بقصر الرئاسة.

أوافق الأستاذ مفيد فوزى على أن الأقدار تعوضنا بالفعل عمن نفقده، إلا أنها فى هذه الحالة لم تعوضنا عن رحيل زويل، وإنما عن اختفاء اللواء إبراهيم عبدالعاطى ملك الكفتة وصائد الفيروسات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved