عدم الكفاءة يرفع سعر السلع والخدمات

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 6 أغسطس 2016 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

الدكتور أحمد جلال وزير المالية الأسبق كتب مقالا مهما فى الزميلة «المصرى اليوم» فى عدد الخميس «٤ أغسطس ٢٠١٦» بعنوان «اتفاق صندوق النقد الدولى.. الشيطان يكمن فى التفاصيل». أهمية المقال أنه لامس وكشف وفسر نقاط لا يراها معظمنا.

فى كل مرة تواجه الحكومة المصرية أزمة اقتصادية هيكلية، ويتزايد العجز فى الموازنة العامة، تقول إنها لابد أن ترفع أسعار السلع والخدمات إلى المستويات العالمية، وتلجأ إلى صندوق النقد وبقية المؤسسات التمويلية الدولية، الذى يقدم لها نصائح مماثلة.

طبقا لخبراء اقتصاديين كثيرين فإن الحكومة محقة حينما تريد أن تقوم بتسعير السلع والخدمات بالأسعار العالمية، مادامت تقدم للناس خدمات على مستوى عالمى، وتقوم بدعم الفقراء ومحدودى الدخل نقدا، حتى لا يتسرب الدعم ويصل إلى غير مستحقيه. لكن فى المقابل فإن الحكومة ينبغى أن تضمن أن أداء كل مؤسساتها وهيئاتها يكون على أعلى درجة من الكفاءة بحيث لا يتحمل المواطن العادى عموما والفقير خصوصا ثمن عدم كفاءة مقدمة الخدمة التى هى الحكومة فى هذه الحالة.

لنفترض أن وزارة أو هيئة مثل الكهرباء أو المياه أو الغاز قررت أن تبيع منتجاتها بالسعر العالمى للمواطنين.. حسنا سوف نفترض أن هذا أمر منطقى، فإن السؤال هو: هل أداء هذه الهيئات والمؤسسات على درجة من الكفاءة بحيث إنه لا يجعل المواطن العادى يدفع سعرا أعلى ليس فقط لأنه السعر العالمى، بل لأن هذه الهيئة أو المؤسسة لا تقوم بعملها بصورة احترافية، وبالتالى فإن المواطن هو الذى يدفع ثمن عدم كفاءة هذه الهيئة من جيبه الخاص.

المثال بصورة أخرى هو: لنفترض أن السعر العالمى للمياه أو الكهرباء أو الغاز فى دولة أجنبية هو دولار واحد للكيلو وات من الكهرباء أو المتر المكعب من المياه والغاز، وأن من يقوم بإنتاج هذا الكيلو وات موظف واحد فقط، راتبه مائة دولار، لكن عندما يتم إنتاجه فى مصر فإن من يقوم بذلك عشرة موظفين يحصلون على ألف دولار.

فى هذه الحالة فإن المواطن المصرى عمليا يدفع السعر العالمى للخدمة أولا، اضافة إلى 900 دولار لعمال وموظفى هذه الهيئات، لأن غالبيتهم لا يعملون فعليا أو يعملون بصورة غير اقتصادية أو ذات كفاءة، فى هذه الحالة فإن السعر فى مصر أعلى كثيرا عن السعر العالمى، وهذا يحمل المواطن العادى سعرا أعلى نتيجة عدم كفاءة مقدم الخدمة.

فى مصر بصفة عامة السعر العالمى جامد وغير متغير إلا إلى أعلى، فى حين أنه فى معظم البلدان الخارجية يزيد وينقص حسب سعر السوق الفعلى والمتغير.

الحكومة تقول إنها مضطرة إلى تحريك أسعار بعض السلع والخدمات لأن استمرار هذا الوضع من رابع المستحيلات، وهى محقة فى كل ذلك، لكنها عليها أيضا أن تعيد النظر فى كفاءة سائر عناصر جهازها الإدارى، حتى لا يتحمل المواطن العادى ثمن عدم كفاءتهم.

الذى يدفع الثمن فعليا فى النهاية هو المواطن بصفة عامة، بل هو يدفع معظم الأحيان هذا الثمن، ليس لذنب جناه، بل لفشل الكومات المصرية المتعاقبة ربما منذ عام ١٩٧٤ فى إدارة الاقتصاد بصورة احترافية. لكن فى كل مرة تأتى الحكومة وتقول للمواطن: لا نملك بديلا إلا رفع الأسعار. قد يكون ذلك صحيحا لكن وأنتم ترفعون الأسعار تأكدوا من أن خدماتكم للمواطنين تقدم بكفاءة، وربما وقتها يكون السعر العالمى مقارب فى بعض السلع للسعر المحلى..

أظن أن المواطن العادى يمكنه أن يضحى ويتحمل و«يشد الحزام» عندما يرى «إشارات أو أمارات» او شروطا يتم الوفاء بها من الحكومة، ومنها أن يكون مقدم الخدمة كفئا، وتوزيع الأعباء على الجميع بصورة عادلة طبقا لحالتهم الاقتصادية، ولظروف كل منهم.

نتمنى أن تعى الحكومة هذا العامل المهم والضرورى وهى تقوم بإعادة تسعيير السلع والخدمات، وشكرا للدكتور أحمد جلال لأنه لفت نظرنا إلى هذه النقطة الجوهرية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved