سلماوى.. ونبوءة الكاهن الهندى!

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 6 أغسطس 2021 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

الجزء الثانى من مذكرات الكاتب والروائى والصحفى الكبير الأستاذ محمد سلماوى، والذى صدر مؤخرا تحت عنوان «العصف والريحان»، يحمل تجربة إنسانية ثرية على ضفاف صفحاته، ويغزل فيها سلماوى بأسلوبه الأدبى الهادئ والرزين، بين أحداث حياته الشخصية، وبين الأحداث الوطنية الكبرى التى شكلت ملامح تاريخ مصر فى الخمسين عاما الأخيرة.
«العصف والريحان» جاء بعد النجاح اللافت للجزء الأول من مذكرات الكاتب والأديب الكبير، والذى كان بعنوان «يوما أو بعض يوم»، ويتضمن الجزء الجديد من المذكرات الكثير من التفاصيل الإنسانية التى غلف بها سلماوى سرده الراقى للأحداث الكبيرة التى شهدتها مصر، منذ اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وتولى حسنى مبارك مقاليد الحكم، وصولا إلى ثورة 25 يناير عام 2011، وصعود وسقوط الإخوان، ثم إقرار دستور 2014، الذى شارك سلماوى فى كتابته، وكان المتحدث الرسمى باسم لجنة الخمسين التى وضعته.
يقول سلماوى فى مذكراته: «كنت سعيدا وأنا جالس فى حديقة بيتنا الصغير فى دهشور (عام 2015)، بأنى أكملت كل المهام التى أوكلتها لى الأقدار لخدمة أقرانى على مدى السبعين عاما التى عشتها، حسب ما تنبأ الكاهن الهندى العجوز فى معبده النائى فى الطريق بين نيودلهى و«أجرا».. حيث منحنى ذلك الوشاح الأصفر الذى لا يمنح إلا لمن رصدتهم الأقدار لخدمة الناس. لم أدرك وقتها أن هذا الوشاح الأصفر الداكن يستشرف المسار الذى ستتخذه حياتى، سواء بالنسبة إلى عملى النقابى باتحادات الكتاب التى رأستها، أو بالنسبة إلى عملى الصحفى فى جميع المواقع التى شغلتها.. كنت سعيدا أيضا بأننى حاولت قدر استطاعتى أن أركز على ما رصدتنى له الأقدار، وأن أقاوم إغراء المناصب الرسمية، وأن أتحرر من قيود البيروقراطية الحكومية التى كثيرًا ما لاحقتنا خلال مسيرتى الوظيفية».
فى «العصف والريحان» يكشف سلماوى عن الكثير من الأسرار التى حدثت فى المشهد المصرى خلال فترة الربيع العربى، منها أنه كان جالسا فى مكتب السيد عمرو موسى بمقر حملته الانتخابية عام ٢٠١١، حين اتصل به الراحل كمال الجنزورى الذى تم فى ذلك الوقت تكليفه بتشكيل الحكومة خلفا لحكومة عصام شرف، ليعرض عليه حقيبة الخارجية، لكن موسى لم يأخذ العرض بجدية.. فلم يكن من الممكن أن يتخلى مرشح رئاسى فجأة عن حملته الانتخابية، ويعود وزيرًا كما كان قبل أكثر من عشر سنوات.
يقول سلماوى فى مذكراته أنه بعد ذلك بدقائق اتصل به الجنزورى وهو ما زال جالسا مع عمرو موسى، ليعرض عليه حقيبة الثقافة، فاعتذر عن تولى المنصب، ورشح له عدة أسماء، منها الدكتور عماد أبو غازى، لكن الجنزورى قال إنه لا يعتقد أنه سيتم الموافقة عليه، لأن أبوغازى دائم النزول مع ابنته إلى ميدان التحرير للمشاركة فى المظاهرات التى كانت تحدث فى تلك الفترة، ثم اقترح عليه سلماوى اسم الراحل الدكتور شاكر عبدالحميد، فوقع عليه الاختيار لتولى حقيبة الثقافة.
«العصف والريحان» هو خلاصة التجربة الإنسانية والسياسية والثقافية والصحفية لسلماوى، التى يرى أنها قد تحمل ما هو مفيد للآخرين مثلما تنبأ له الكاهن الهندى، وبالتالى تبقى فى الذاكرة إلى الأبد، ومنها ما هو غير مفيد فلا يمكن أن نقف عنده أو نتذكره، مستلهما ذلك المعنى من الآية القرآنية الكريمة «فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ». يقول سلماوى فى نهاية مذكراته إنه «فور أن سمعت هذه الآية من قارئ القرآن عبر مذياع أحد المساجد خلال وجودى فى قريتى دهشور، تراءت لى حياتى كلها، فبدت كذلك الحَب، بها من العصف والقشور التى تذهب هباء، كما بها أيضا الريحان، ذلك العشب المقدس فى الحضارات القديمة، الريحان ذو العطر الأخاذ الذى يمكث معنا بعد أن يكون العصف قد طار فى الهواء».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved