صحيفة الخليج ــ الإمارات: فى غياب المرح اللغوى

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: السبت 6 أغسطس 2022 - 7:30 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا بتاريخ 5 أغسطس للكاتب عبداللطيف الزبيدى، يقول فيه إن ظروف الحياة اليوم لا تناسب أجواء النحو العربى، وإن الطريقة التى تدرس بها قواعد اللغة العربية تفتقر للجاذبية والإمتاع. ودعا الكاتب إلى استخدام الألعاب اللغوية ليشعر الطلبة ببهجة اللغة لا بكوابيسها... نعرض من المقال ما يلى:
هل لاحظت أن العربية توارى عنها المرح والدعابة والألعاب؟ ما الذى يحدث للجسم حين يهجر الحركة والرياضة، وتكون تغذيته سيئة؟ الجهات المعنية بشئون اللغة، فى المناهج وفى الأوساط الثقافية، لا تسأل: كيف يمكن أن ينجذب النشء الجديد إلى لغته، إذا كانت تفتقر إلى الجاذبية والإمتاع والمؤانسة وخفة الظل والرشاقة ومواكبة العصر؟ هل فى النحو والصرف جمال أو متعة؟ النحاة أنفسهم يسخرون منه.
ماذا كان ابن مضاء القرطبى، صاحب كتاب «الرد على النحاة» سيقول لو كان بيننا؟ فى عصره (القرن الثانى عشر الميلادى) كانت للتعقيدات النحوية سوق رائجة، وكان حفظ مؤلفاتها شائعا، ومع ذلك أعلن ثورته على زوائد القواعد والتواءاتها. المأساة هى أن الطريقة التى يُدرس بها النحو فى زماننا لا تزال فى حاجة ماسة إلى تنحيف وترشيق، للتخلص من الشحوم والأورام.
المقصود المقرر فى المناهج العربية. ظروف الحياة اليوم تجاوزت بمراحل أنماط الحياة التى تعيش فيها أجواء النحو العربى، بأمثلتها وتراكيبها وشواهدها، وطرائق تعبيرها. ثمة استعمالات تجاوزها الزمن، لم تعد مستخدمة، صيغ سادت ثم بادت. طرائق التعبير والتراكيب هى الأخرى لها عمر افتراضى وسوق صرف، فى عصر غير عصرها تغدو مثل عملة أصحاب الكهف والرقيم.
هكذا تكون الصورة قد اتضحت، فالمشكلة مشكلتان، الأولى غياب الألعاب اللغوية، التى كانت لها أصناف وألوان لا تحصى، من الألغاز والأحاجى والمعميات، والطرائف النحوية واللطائف الصرفية، وخدع المعانى والجناس والتصحيف، والاقتباس والتضمين والتورية، والقراءة من اليمين إلى اليسار، وبالعكس، من اليمين مدحا، ومن اليسار هجاء، مئات الأنواع. من أروع ما وصل إليه الفن اللغوى الساخر، كتيب صغير لأبى الحسين أحمد بن فارس (القرن الرابع الهجرى)، عنوانه: «فُتيا فقيه العرب». ألعاب لغوية فى مستوى إيفريست العربية، ومع ذلك تضحك ضحك الطفل عند قراءته، وتعدو فتسبق ظلك. لا نأمل فى أن تقتدى المناهج بتلك القمم فى تدريس العربية، ولكن، من حق الأجيال أن تشعر ببهجة اللغة، لا بكوابيس النحو.
المشكلة الأخرى، هى جفاف أساليب تدريس قواعد العربية. الإبداع التربوى هو أن نحول جلاميد القواعد إلى ألحان جميلة بنوتات مخارج الأصوات، أن نجعلها تارة كرة طائرة وتارة شطرنجا.
لزوم ما يلزم: النتيجة التخويفية: تجهم القواعد يجعل الدارسين فى خشية من الوقوع فى مهاوى الأخطاء، كأنما يسيرون بين أسلاك كهربائية عارية متشابكة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved