أليس فيكم رجل رشيد؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 6 سبتمبر 2010 - 9:57 ص بتوقيت القاهرة

عندما بدأ مجدى الكردى وضع الملصقات المؤيدة لاختيار وانتخاب جمال مبارك رئيسا للجمهورية، تعامل كثيرون مع الأمر باعتباره أقرب إلى النكتة، سوف ينساها الناس سريعا.

آخرون نظروا للرجل باعتباره يتعامل مع الأمر وكأنه «سبوبة» سيحصل من خلالها على «قرشين حلوين»، وسيظهر على الفضائيات وستهتم به الصحف، باعتباره نجم المرحلة ثم ينتهى الأمر.. و«يا دار ما دخلك شر».

بعد مجدى الكردى سمعنا عن آخرين يرفعون شعارات ويضعون ملصقات تطالب الرئيس حسنى مبارك بمواصلة الترشح حتى آخر العمر، وحتى لو كان المنافس هو الابن جمال. وقبل هذا وذاك، كان لدينا محمد البرادعى وأنصاره وملصقاته وتوكيلاته.

ولدينا أيضا حمدين صباحى البرلمانى والقيادى الناصرى الذى يطرح نفسه مرشحا شعبيا للرئاسة طارحا برنامجا شاملا للتغيير.. ويبدو أننا سنسمع عن كثيرين حتى يأتى أوان الانتخابات، أو يقضى الله أمرا كان مفعولا قبلها، يخص الإعلان عن اسم مرشح الحزب الوطنى لانتخابات الرئاسة.

كل ما سبق تعامل معه الكثيرون باعتباره أحد مظاهر التعددية والديمقراطية، وحق الجميع فى الترشح، فى حين رآه البعض مجرد انفلات إعلامى يسعى إلى حشو برامج الفضائيات وتسويد صفحات الصحف، حتى لو كان الثمن هو هدم المعبد على الجميع.

الجديد فى الأمر الآن أن هناك «ألعابا قذرة» قد بدأت تظهر فى السوق، وتتخطى الحدود المتعارف عليها، من دون أن يظهر من الذى يقف وراءها. وإذا كان جمال مبارك وجميع أعضاء الحزب الوطنى قد أنكروا صلتهم بحملة الكردى وملصقاته فأغلب الظن أن الملصقات الأخيرة ستصبح يتيمة ولن تجد من يتبناها.

وبما أننا لن نعرف من يقف وراء العبث الحاصل حاليا فى بورصة الترشيحات لمنصب الرئيس، فالخطورة التى يمكن تلمسها من الوقائع التى حدثت خلال الأسبوع الماضى هى أن هناك حالة فوضى شديدة تضرب المسرح السياسى فى مصر، لدرجة تذكرك بصرخة شكسبير الشهيرة على لسان هاملت بأن «هناك شىء ما عفن فى الدانمارك».

أكثر ما يخشاه كل غيور على هذا الوطن، أن نصل إلى «الحالة المملوكية» كتلك التى كانت تعيشها مصر أواخر حكم المماليك، والتناحر الطاحن بينهم والحرب غير الشريفة التى لا تستثنى أحدا ولا تستبعد سلاحا، حتى لو كان محرما.
يخشى المرء من وجود بعض أصحاب مصالح ورجال أعمال الذين وفى سبيل مصالحهم الضيقة مستعدون لبيع جلود أمهاتهم وليس فقط أوطانهم واستقرارها والحفاظ على إبعاد مؤسساتها الكبرى والراسخة عن أى جدل سياسى.

الواضح أن المشكلة الحقيقية التى تواجهها مصر فى هذه اللحظة الراهنة ليست هى الدكتور البرادعى ورغبته فى التغيير، كما أنها ليست الإخوان المسلمين ومحاولة «انقلابهم» كما ترى بعض الصحف القومية. المشكلة هى الصراع المنفجر داخل الحزب الوطنى حتى لو أنكر الجميع وكذلك الصراع داخل أجنحة الحكومة منذ تسريب قضية آكور وأرض ميدان التحرير وقضية ابراهيم سليمان.

نخاطب من تبقى من العقلاء داخل الحكومة والحزب الوطنى أن يوقفوا الانفلات المتزايد، والذى قد يقود إلى مخاطر لا يدرك عواقبها إلا الله.

نقول لهم «أليس فيكم رجل رشيد»، يأمر طيور أو خفافيش الظلام أن تعود إلى أوكارها أو جحورها، لأن السماح بتركها تتجول دون قيود قد يحرق الأخضر واليابس.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved