صحة المواطن مصرى من تحت الكوبرى!!

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: السبت 6 سبتمبر 2014 - 12:16 م بتوقيت القاهرة

«أسرار من تحت الكوبرى» رغم غرابة الاسم والحيرة فى المعنى لم يكن عنوان برنامج المذيع الأشهر فى برامج إعلام الاستفزاز الجديد يدهشنى.

أما حينما يبدأ «طونى خليفة» برنامجه بهتك أسرار عائلة مصرية واستعراض تفاصيل مرة مؤلمة لحياة أطفالها بحجة أن يستجدى علاجا لهم مما وصفه بجهل مرض التوحد ثم بقسوة «أكل لحوم البشر» فهذا بالفعل ما يستنفر الغضب ويستوجب العقاب.

لمن لم ير البرنامج: هو متاح على كل شبكات التواصل الاجتماعى يسرد فيه السيد خليفة قصة طفلان «مبشر» و«وأهِّله». طفل فى الخامسة وأخته فى السابعة مصابان بالتوحد وفقا لرواية الراوى إذا ما طالعت صورتهما للوهلة الأولى يمكنك أن تؤكد بثقة أن التشخيص لجاهل فأول علامات التوحد أن الطفل لا ينظر أبدا فى عينيك حتى إذا ما أراد معك تواصلا هو يفتقده بالفعل. أما الأهم بعد وصلة من المشاهد المرعبة مجتزأة من أفلام آكلى لحوم البشر ومصاصى الدماء فهى صورة الطفلين معا ينهشان قطعا من لحوم الدجاج النيئة. يليها صور لآثار العض بأسنان آدمية على ذراع الأب ثم كلمات مرة تلتصق بجدار القلب للأم وهى تروى بعضا من تفاصيل عذابها اليومى من طفليها. ثم حديث آخر جانبى لرئيسة جمعية خيرية تهتم بحال الأطفال وتذكر أنها خاطبت وزارة الصحة ووزارة الشئون الاجتماعية فلم يجاوبها أحد.

رغم العناوين التى صاحبت البرنامج راجية أن يمنع الأهل الأطفال من مشاهدة البرنامج إلا أننى رأيت فيها ترويجا من صنف رخيص من صنوف الدعاية لصاحب البرنامج الذى بدا منتفخا بسبقه الإعلامى وهو يدعو أهل الخير للمساهمة فى علاج الأطفال آكلى لحوم البشر!!

لا أدعى علما لا أملكه ولكن الأمر يجب أن يبدأ بتشخيص دقيق لحالة الأطفال العقلية والنفسية يتم بمعرفة مجموعة من أطباء علم النفس والأعصاب.

أقول مجموعة لأن الأمر بالفعل يحتاج خبرات متعددة يدخل فيها طبيب للأمراض الباطنية ثم خبراء نفسيون وطبيب للأمراض العقلية وآخر للأطفال وطبيب للتأهيل إلى جانب طبيب للأمراض الوراثية.

الحكم فى النهاية للعلم: هناك من الأطفال من يحفر بأصابعه فى الأرض ليأكل الطين نتيجة لغياب عناصر الحديد والكالسيوم وهى حالة قابلة للعلاج فهل تطالهم وصمة الطين ونخرج لهم أفلاما تصور «تحت كوبرى الواقعية المصرية»؟

فى بلد يغيب عنها تأمين صحى عادل تختل دائما موازين العدالة الاجتماعية ويظل المريض ضحية إعلام مغرض. العلاج حق للإنسان يجب أن يصل إليه دون وساطة تليفزيونية أو صحفية. أخشى ما أخشاه أن يجد وزير الصحة نفسه مرغما على تخصيص مستشفيات بعينها لخدمة مرضى الإعلام.

أما علاج مبشر وأهلّه فأراه الآن فرض عين على وزارة الصحة بعيدا عن كل الكبارى وأهل الإعلام والإعلان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved