ماذا يُصدر العرب للغرب ؟

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: الأحد 6 سبتمبر 2015 - 6:35 ص بتوقيت القاهرة

منذ عدة أيام دارت فى العالم كله صورة للطفل السورى الذى يقال إن اسمه إيلان ذو الثلاث سنوات ملقاة على ساحل تركيا جثة شاهدة على توحش الإنسان تجاه أخيه الإنسان، والغريب وهو الشىء الداعى للتأمل هو ماذا يُصدر العرب إلى الغرب هذه الأيام ؟

يصدر الإرهاب حتى قبل 11/9/2001 بتفجير برجى التجارة فى نيويورك مرورا بتفجيرات القطارات فى اسبانيا وانفجارات لندن ومذبحة شارلى إبدو بفرنسا فى بداية هذا العام وأخيرا الهجوم على ركاب سالمين فى قطار مابين بروكسل وباريس لو نجحت لتشتتت آلاف الجثث، فمؤامرة بعض الحكام العرب على شعوبهم وبمباركة غربية ظهرت التنظيمات مثل القاعدة، وداعش، والتنظيمات الإرهابية الأخرى التى تأخذ من الإسلام ستارا لها، والعرب يتغنون ليلا ونهارا بأن الحضارة العربية والإسلامية هى أم الحضارات والتى علمت أوروبا وصدرت لها الكيمياء والطب وعلوم الفلك، هاهى اليوم تصدر لهم الإرهاب والدمار والقتل والجثث، وعلى هذا المنوال هناك عملية إعادة تصدير، فها هم الشباب الأوروبى من أصول عربية فى أغلبية الحالات أو الأوروبى الضائع فى بلاده ينضم إلى داعش ويتم تدريبه وغسيل مخه وإعادة تصديره للغرب للقيام بعمليات إرهابية التى أصبحت أوربا خاصة فرنسا تنكوى منه كل يوم، أما المفارقة الأخرى هى كما أن العرب يُصدرون الإرهاب كذلك يُصدرون اللاجئين سواء لأسباب اقتصادية أو بسبب الحرب فى العراق وسوريا وارتيريا وغيرها والتى فيها يدفع هؤلاء اللاجئون عمرهم ثمنا للحرية وهروبا من نار الحروب مثل هذا الطفل إيلان الذى أبكانا، فهؤلاء البشر نصدرهم لأننا لانحل مشاكلنا بل نترك الآخرين يتحكمون فينا كما يريدون بأخطائهم وخطاياهم والذى يدفع الثمن هم هؤلاء الفقراء والبسطاء والأطفال .

شكرا للمستشارة ميركل لأنها أوقفت العمل بقانون أوروبى يشترط على اللاجئين أن يبقوا فى بلد الاستقبال ورأت أن على ألمانيا أن تعطى حياة كريمة لهؤلاء وتستقبلهم، ومن المخطط أن تقبل ألمانيا ثمانمائة ألف لاجئ فى بلد فيه ثمانون مليونا بينما لبنان استقبل مليونا ومائة ألف لاجئ فى بلد عدد سكانه خمسة ملايين نسمة بمشاكله السياسية الطاحنة وزبالته المنتشرة فى كل مكان، وكذلك الأردن الذى استقبل ثمانمائة ألف لاجئ فى بلد عدد سكانه خمسة ملايين نسمة أيضا، والسؤال لماذا هؤلاء المهاجرون لا تستقبلهم حتى ولو بشكل مؤقت دول الخليج البترولية كما كانت تفعل فى الماضى؟ سؤال محير؟ لماذا تتركهم لأمواج البحر تقذفهم بعيدا؟

لا يخفى على أحد أن مصر استقبلت فى السنوات الأخيرة كثيرا من اللاجئين السودانيين من الشمال ومن الجنوب، وكذلك الفلسطينيين على مر التاريخ الحديث، والعراقيون والسوريون رغم مشاكلنا الاقتصادية الطاحنة والتسعين مليون نسمة، ولكن علينا أن نرى ماآلت إليها الدول التى استسلمت لتفتيتها وما آلت إليه مصر الآن التى تسترجع حضورها الدولى والمحلى وهذا ليس مدعاة فخر لنا فقط ولكن تدعونا أن نقى المخاطر التى حولنا والواجبات التى علينا أن نعملها وأولها أن نعلم ابناءنا تعليما جيدا ونعمل بالعرق والدم لنواكب العصر، فكفى ماقد فاتنا، فليس بالكلام سنصبح دولة كبيرة بل بالكد والعرق والعلم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved