الجيش والأستاذ فهمى هويدى.. وسياسة «الشروق» التحريرية

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 6 سبتمبر 2016 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

فى نهاية مقال الأستاذ فهمى هويدى المنشور اليوم فقرة أخيرة بعنوان: «شكوى وإبراء للذمة»، يتهمنى فيها بالعدوان والحذف والتعديل على مقاله الاسبوعى المنشور فى الصفحة التاسعة من عدد امس الثلاثاء بعنوان «دور الجيش المصرى فى الاقتصاد». لم أكن أتمنى أن أشغل القارئ بتفاصيل العمل اليومى المتكررة فى معظم الصحف، لكن اصرارالأستاذ فهمى على اتهامى بالعدوان على حقه، هو ما دفعنى لهذا التوضيح.

مبدئيا أؤكد للمرة المليون احترامى الكامل لحق الأستاذ فهمى هويدى فى إبداء رأيه، رغم اختلافى شبه الكامل تقريبا مع منطلقاته وآرائه.


بعد هذه المقدمة أعود إلى تفاصيل القصة، وسأتعرض فيها لبعض ما عدلته فى المقال، خصوصا ان القراء قرأوا المقال كاملا امس فى صحف عربية تنشره بالتزامن مع الشروق.


عندما أرسل الأستاذ فهمى مقاله يوم الأحد الماضى، المخصص للنشر فى عدد الثلاثاء، قرأته، واتصلت به، وقلت له إن هناك بعض النقاط قد تعرضنا لمساءلة قانونية، وبعضها يحتاج إلى توضيح أو تعديل يتماشى مع سياسة الشروق التحريرية. وتحدثت معه أيضا عن الصعوبات التى تواجه الإعلام ويعرفها القاصى والدانى، وان أحد جوانب دورى هو حماية الصحيفة وصحفييها وحماية نفسى بطبيعة الحال، وكان رد الأستاذ فهمى متفهما، واتفقنا على حسم الأمر صباح اليوم التالى.


صباح الاثنين، كررت له الملاحظات ومنها انه لا يحق قانونا التطرق إلى ميزانية القوات المسلحة إلا للجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان، وتناقشها رقما واحدا، وليس بالتفاصيل. وبغض النظر إذا كان هذا جيدا أو سيئا، نحبه أو نكرهه، فهو أمر يخص القانون والدستور، وتقديرى أن التعرض له قد يوقعنى تحت طائلة القانون.


فى نقطة أخرى كانت وجهة نظر الأستاذ فهمى أنه ينقل آراء لآخرين عن شئون القوات المسلحة، كتبوها على الفيس بوك أو سمعها منهم فى اتصالات مثل الدكاترة نور فرحات وإبراهيم العيسوى وحازم حسنى، والزميل محمد حمامة فى «مدى مصر». ووجهة نظر الأستاذ فهمى، أن هذه آراء آخرين وليست آراءه. قلت له إننا طالما نشرنا الكلام فسوف نتحمل مسئوليته بغض النظر عمن قاله وفى أى مكان.


حذفت فقرة من المقال تقول: «إن القائد العام للقوات المسلحة أصدر قرارا بإعفاء بعض مؤسسات القوات المسلحة من الضريبة العقارية»، لسبب بسيط انها عير صحيحة. الماسأة ان من يبحث بسرعة وتعجل على جوجل سوف يجد احالات كثيرة تقول مثل هذا العنوان. لكن الاصح ــ كما فهمت من كثيرين خصوصا زميلى محمد بصل رئيس القسم القضائى بالشروق ــ ان رئيس الجمهورية اصدر القانون رقم 17 لسنة 2014، وأعفى فيه العديد من الهيئات والوزارات والمؤسسات العامة والاهلية مثل المنشآت المملوكة للجمعيات الاهلية والمنظمات العمالية والاحزاب والنقابات ومؤسسات التعليم والملاجئ والسفارات الاجنبية، وأى وحدة عقارية قيمتها اقل من 24 الف جنيه، وفى البند ى مادة 18 فقرة اولى تقول: يتم اعفاء أندية وفنادق ومنشآت القوات المسلحة على ان يصدر بتحديدها قرار من وزير الدفاع. اذا الرئيس هو من يصدر قرار الاعفاء ولمؤسسات وهيئات كثيرة وليس للقوات المسلحة فقط، ودور وزير الدفاع ان يحدد اسماء هذه الدور.


المهم وبعد نقاش طويل لم نتفق على رأى واحد، واقترح الأستاذ فهمى ان يتم عدم نشر المقال أساسا، وحاولت أن أقنعه بأن التعديلات المطلوبة طفيفة ولا تؤثر على صلب المقال، لكنه أصر على رأيه واتفقنا فعلا على عدم النشر.
بعد نصف ساعة تلقيت اتصالا من الكاتب الكبير المحترم جميل مطر عضو مجلس التحرير والمشرف على قسم الرأى فى «الشروق»، قال لى ما خلاصته أنه اتصل بالأستاذ فهمى وتناقش معه فى الموضوع، وأن يمكننى نشر مقاله مع إجراء التعديلات.


شكرت للأستاذ جميل دوره ومسعاه، ونشر المقال بالفعل، ثم فوجئت برد فعل الأستاذ فهمى، وهاتفته وذكرته بالتفاصيل، واننى لم أعتدِ على مقاله من بعيد أو قريب، وكان «الأريح» لى أن أوقف نشره، وينتهى الأمر، لكننى نشرته بناء على اتصال من الأستاذ جميل، وليس رغبة منى فى تشويهه والتدخل فيه، لكن الرجل أصر على نشر الفقرة فى نهاية مقاله تتهمنى بالعدوان على رأيه، فلم يكن هناك مفر من توضيح حقيقة ما حدث.


هذه خلاصة القصة، وعلى جانبها أو فى القلب منها ربما وجب توضيح بعض النقاط المهمة.

يشهد الجميع أن حرية الرأى فى مقالات وآراء جريدة وبوابة الشروق هى الأعلى على الإطلاق فى الصحافة المصرية وربما العربية، وإذا كان من شخص نشكره على هذا الأمر، فهو المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس الإدارة، هو يؤمن إيمانا أكيدا بحق الجميع فى التعبير عن رأيه، والدليل أن هناك آراء متعارضة ومتصادمة فى «الشروق» تنشر جنبا إلى جنب، ولا يقرأها ابراهيم المعلم الا منشورة مثل كل القراء، تعرض المعلم لحملات تشويه وشتائم واغتيال معنوى متنوعة، ودفع الثمن راضيا ايمانا أن تستمر حرية التعبير فى «الشروق».


النقطة الثانية أن هناك فارقا كبيرا بين حرية الرأى والمسئولية القانونية، ثم المعلومات التى لابد أن تكون صحيحة ومدققة، وبالتالى فالكاتب ليس حرا ان يقول معلومة خاطئة أو غير مدققة، كما ان الآراء لا يمكنها أن تعتدى على حريات الآخرين، حتى لا تتعرض المؤسسة للمساءلة القانونية، وحتى لا يدخل رئيس التحرير ــ الذى هو أنا السجن ــ!!.


النقطة الثالثة والأخيرة: أننى كرئيس تحرير لهذه الصحيفة، لا أعبر عن آرائى وأفكارى وانحيازاتى فى تمرير هذا المقال أو تعديل مقال آخر. أنا بوضوح انفذ سياسة تحريرية يضعها القائمون على هذه المؤسسة خلاصتها حق الجميع فى التعبير عن وجهة نظر فى اطار القانون والدستور والمعلومات الصحيحة. أنا لا اخترع شيئا، وهى نقطة مهمة أرجو أن تصل للجميع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved