الأزمات الداخلية فى إثيوبيا تتفاقم.. والحكومة تزيد الأمور سوءًا

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الأحد 6 سبتمبر 2020 - 10:30 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع The Africa Report مقالا حول الأزمات الداخلية التى تواجهها إثيوبيا وفشل الحكومة الفيدرالية فى احتوائها.. نعرض منه ما يلى.
لا يبدو أن الأزمة تنحسر فى إثيوبيا، فأعمال الشغب المستمرة فى منطقتى «أوروميا» و«ولايتا»، وتفكك الدولة فى منطقة أمهارا، والمواجهات بين الحكومة الفيدرالية ومنطقة تيجراى، كل ذلك جعل موقف الحكومة على المحك.
ولمعالجة هذه الأزمة، دُعى الاتحاد الإفريقى للتوسط بين حكومة آبى وجبهة تحرير شعب تيجراى. وحثت مجموعة عمل إثيوبية فى الولايات المتحدة الحكومة فى واشنطن على لعب دور أكبر فى الأزمة الآخذة فى التفاقم.
ومؤخرا كتب بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى وثيقة تدعو فيها وزير الخارجية الأمريكى إلى العمل على تشجيع الحكومة الإثيوبية فى فتح حوار مع المعارضة من أجل تحقيق انتقال سلمى للسلطة.
وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أن تحقيق تدخل هادف لحل الأزمة الإثيوبية لن يتحقق بسبب عدم وضوح الأزمة فى إثيوبيا. فالأزمة فى إثيوبيا اليوم ليست صراعا بين الحكومة الفيدرالية فى أديس أبابا وحكومة منطقة تيجراى. إنها أزمة الحكومة الفيدرالية التى تتجلى فى تيجراى ومناطق أخرى. إن ما تركز عليه ممارسات الحكومة الفيدرالية هى فقط كيفية البقاء فى السلطة وتفتقر إلى النهج المتماسك والسبل الديمقراطية لحل الأزمة.
لذلك، فإن تعريف المشكلة على أنها خلاف بين الحكومة الفيدرالية وتيجراى هو تبسيطيًا للأزمة. هناك أزمات فى أوروميا والمناطق الجنوبية تحتاج أيضًا إلى اهتمام عاجل. والدعوة إلى الحوار دون اتخاذ بعض إجراءات بناء الثقة، مثل الإفراج غير المشروط عن السجناء السياسيين، لن تكون بداية موفقة.
***
أثار مقتل مغنى الأورومو الشهير هاتشالو هونديسا فى يونيو أعمال شغب طائفية ضخمة. انغمست معظم أجزاء غرب وجنوب أوروميا فى قتال بين القوات المسلحة لمقاتلى جبهة تحرير أورومو والقوات الحكومية. بدأت أحزاب المعارضة فى أوروميا ــ احتجاجًا على قرار الحكومة بالاستمرار فى السلطة إلى ما بعد ولايتها فى نهاية سبتمبر 2020 ــ فى الاستعداد للمقاومة. وفى خضم كل هذا حدث مقتل المغنى الأورومو الشهير وسط هذه الأزمة السياسية.
اجتاحت الاحتجاجات معظم منطقة أوروميا حيث تم إحراق العديد من الشركات والمتاجر أو نهبها. أسفرت استجابة الحكومة لأعمال الشغب عن مقتل 178 شخصًا واحتجاز 9000 آخرين دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة. وفُرض حظر تجول وإغلاق كامل للإنترنت.
زاد عدم ثقة الجمهور فى الحكومة وسط تصريحاتها غير المتسقة وقرارها المفاجئ باعتقال زعماء المعارضة السياسيين. إلى جانب فشلها فى إجراء تحقيق مستقل فى مقتل المغنى هاتشالو هونديسا وهو ما أدى إلى زيادة الشكوك.
كرد فعل على مقاومة نخب الأورومو، شرع أبى فى فصل أكثر من 1700 مسئول محلى وموظف حكومى. وكان من بينهم ليما ميجرسا، وزير الدفاع، الذى لعب دورًا محوريًا فى صعود رئيس الوزراء آبى أحمد إلى السلطة.
لكن المقاومة فى منطقة أوروميا مستمرة وبأشكال مختلفة. مع وجود أكثر من 9000 شخص فى السجن، بما فى ذلك القادة السياسيون الرئيسيون من أورومو، من المرجح أن تتجه الأزمة إلى مزيد من التصعيد.
***
أما فيما يخص شعب ولايتا فى جنوب البلاد، فلطالما طالب بإقامة دولة إقليمية خاصة بهم. زادت المطالبات منذ ديسمبر 2018 عندما قام شعب سيداما المجاور بتأمين استفتاء لتشكيل دولتهم الإقليمية ــ للانفصال عن دول الجنوب والجنسيات والشعوب الإقليمية.
يعترف الدستور بحق أى أمة أو جنسية متجمعة فى أى من الدول الإقليمية فى تشكيل دولتها الخاصة. ووفقا للخطوات المطلوبة، صوت مجلس ممثلى منطقة ولايتا بالإجماع لصالح الاستقلال، وقدم قراره فى 19 ديسمبر 2018. لكن هذا لم يتم النظر فيه على المستوى الإقليمى أو الفيدرالى أو إحالته إلى المجلس الانتخابى.
واحتجاجًا على هذا الصمت تجاه مطلبهم، نظمت ولايتا مسيرة حاشدة ورفض الممثلون الـ 38 فى المجلس الإقليمى حضور اجتماع اللجنة المركزية. ردت الحكومة الفيدرالية على هذه التطورات باحتجاز العشرات من مسئولى المناطق، والأعضاء المنتخبين فى مجلس ولاية ولايتا، وقادة الأحزاب السياسية، والجهات الفاعلة فى المجتمع المدنى.
كما استخدم النظام العنف ضد المتظاهرين السلميين الذين طالبوا بالإفراج عن المعتقلين. كما أوقفت الحكومة بث محطة إذاعية مجتمعية وأغلقت مكاتب منظمات المجتمع المدنى.
***
توضح الأحداث فى أوروميا وولايتا طبيعة الأزمة الإثيوبية الحالية.. فالأزمة لا تقتصر على النزاع بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير شعب تيجراى، بل إنها أزمة وطنية.
تتمتع جبهة تحرير شعب تيجراى، وهى أفضل المجموعات تنظيما، بالقدرة على إجراء انتخاباتها الإقليمية فى الموعد المحدد. وقد أدى ذلك إلى وصول الأزمة إلى ذروتها. لكن الخلاف مع تيجراى لا يمكن حله من خلال حل وسط بسيط: فهناك الكثير على المحك، ومن غير المرجح أن يعقد قادة جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراى صفقة قصيرة الأجل عندما يرون أن المشكلة أكثر جوهرية.
عشرات الآلاف من الإثيوبيين، بمن فيهم قادة المعارضة، فى السجن لأسباب سياسية. تم إغلاق جميع وسائل الإعلام، باستثناء تلك التى يسيطر عليها «حزب الرخاء» أو تتبعه بالكامل.
لبدء حوار هادف، يجب على الحكومة الفيدرالية اتخاذ بعض إجراءات بناء ثقة أحادية الجانب. يجب إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين دون شروط وفتح جميع وسائل الإعلام التى أغلقتها الحكومة على الفور. كما يتعين عليها إنهاء حالة الطوارئ غير المحدودة وغير القانونية.
يمكن لهذا أن يمهد الطريق لحوار وطنى يسعى لتحقيق هدفين رئيسيين. الأول هو الاتفاق على موعد مبكر للانتخابات وتحديد كيفية انتقال الحكم فى البلاد إلى حكومة منتخبة. الثانى هو مناقشة بعض الأسئلة الأساسية حول المستقبل السياسى لإثيوبيا. وهذا ما يحجبه التركيز على أزمة اللحظة.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلى

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved