نجاح إسرائيل الباهر تحول إلى فشل ذريع

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الأربعاء 6 أكتوبر 2021 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة ذا جيروساليم بوست مقالا للكاتب ناداف تامر تناول فيه الفشل الذى تواجهه إسرائيل فى الكونجرس الأمريكى، وبدء تغير نظرة اليهود الأمريكيين والأحزاب الأمريكية تجاه إسرائيل، والذى يرجعه بالأساس إلى محاولات مؤيدى إسرائيل فى الولايات المتحدة إسكات كل من يحاول انتقاد إسرائيل ووصفه بمعاداة السامية... نعرض منه ما يلى.
كانت محاولة الأعضاء التقدميين فى مجلس النواب الأمريكى منع حزمة مساعدات القبة الحديدية الخاصة لإسرائيل ذات أهمية على المدى القصير، لكنها أيضا توضح كيف تحولت قصتا نجاح إسرائيليتين إلى إخفاق هائل: انتصار حرب الأيام الستة، وتأثير اللوبى المؤيد لإسرائيل فى الكونجرس. نتج عن القوة الإسرائيلية فى القصتين حالة عمى استراتيجى يضع تحديات أمام دعم الكونجرس التلقائى لإسرائيل.
انتصار الجيش الإسرائيلى فى حرب عام 1967 حمس يهود إسرائيل وأمريكا بشكل عام. ولكن، فى السنوات التى أعقبت الحرب، بدأ ظهور انقلاب تدريجى فى وجهات نظر العديد من الناخبين الديمقراطيين والشباب اليهود الأمريكيين حول إسرائيل، نتج عن التداعيات الأخلاقية والاستراتيجية للاحتلال وغطرسة الحركة الاستيطانية التى سيطرت على السياسة الإسرائيلية.
يصدم الإسرائيليون عندما يرفض مشرع أمريكى الموافقة على تمويل نظام دفاعى يعتبرونه منقذا لحياتهم. ويصدمون أيضا عندما يتم توجيه النقض لإسرائيل فى خضم حربها ضد المنظمات الإرهابية مثل حماس. من المهم فهم العمى الذى أصاب الأمريكيين فى نظرتهم للسياسة الأمريكية وحادثة القبة الحديدة على أنها مشاعر معادية لليهود، ففى الواقع هذه الأحداث تعكس صراعات القوى داخل الحزب الديمقراطى حول الأولويات المحلية. لا يدرك معظم التقدميين الفروق الدقيقة بين حماس وسكان غزة وبين القبة الحديدية والأسلحة الهجومية. كل ما يرونه هو عدم رغبة إسرائيل فى إنهاء احتلالها المستمر لشعب آخر بينما يُطلب من دافع الضرائب الأمريكى دفع الفاتورة والتعامل مع العواقب.
النجاح الذى حققه «أنصار إسرائيل» على مدى عقود فى الكونجرس يتحول إلى فشل أمام أعيننا. فى البداية، كان هدف الجماعة نبيلا فى البداية للتعويض عن تقاعس الولايات المتحدة خلال الهولوكوست وحشد المساعدة للدولة الجديدة المحاطة بالأعداء. لكن كلما ازدادت قوة هذه الجماعات، كلما ازدادت عدوانيتها وغطرستها ومحاولاتها إسكات أى تلميح لانتقاد الدعم التلقائى لسياسات الحكومات الإسرائيلية. لذلك انتهى الأمر بفقدان هذه المنظمات بشكل تدريجى اتصالها بالأغلبية الليبرالية / التقدمية من الجالية اليهودية ومع العديد من الناخبين الديمقراطيين. وفوق كل شىء، فقدوا الاتصال بالجيل الشاب من اليهود الليبراليين الذين تشكل قيمهم وجهات نظر مختلفة تمامًا عن آراء آبائهم.
التغيرات السكانية غير المرتبطة بإسرائيل، مثل صعود القوة السياسية للمهاجرين وسياسات الهوية، أثرت أيضًا على الدعم لإسرائيل. تغيرت توجهات الجيل الأصغر فى المجتمع اليهودى الأمريكى تغيرا عميقا، فلم تعد المحرقة ومعجزة تأسيس إسرائيل ذات معنى كبير مثلما كان الحال مع آبائهم. يتوقع هؤلاء الشباب أن ترتقى إسرائيل إلى المعايير التى تعكس قيمهم ويتوقع البعض منها أن تتصرف بما يليق بالدولة القومية للشعب اليهودى.
لكن ردود أفعالنا تجاه الظواهر التى لا علاقة لها بإسرائيل كانت خاطئة. كان بإمكاننا أن نجرى خطابًا حقيقيًا مع منتقدينا، لكن اخترنا أن نطلق عليهم معادين للسامية وقوضنا تقدمهم فى السياسة الأمريكية. نحاول باستمرار تطوير التشريعات التى تمنع حقهم فى التعبير السلمى عن آرائهم، منتهكين قيمة حرية التعبير التى يعتبرها الليبراليون الأمريكيون حقا مقدسا.
بما أن التكتيكات العدوانية التى فضل مؤيدو إسرائيل تبنيها لم تكن فعالة، سيتحتم علينا إعادة ضبط مسارنا بسرعة.
تحاول الحكومة الجديدة إعادة صياغة نهجها تجاه الحزبين، الديمقراطى والجمهورى، والعلاقات مع يهود أمريكا الليبراليين، وهذا جهد جدير بالثناء، وضرورى لكنه غير كاف. طالما استمرت فرض عراقيل أمام الجهود الصادقة لإنهاء الاحتلال، ولطالما استمرت الحكومات الإسرائيلية فى اعتبار النقد التقدمى غير شرعى، فإن الظواهر التى نشهدها اليوم من قبل عدد قليل من المشرعين ستنتشر وستصبح السمة الجديدة للأجيال القادمة من القادة الليبراليين.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved