الفيدرالية الإثيوبية على المحك

مجدى حفنى
مجدى حفنى

آخر تحديث: السبت 6 نوفمبر 2021 - 7:50 م بتوقيت القاهرة

سبق لى فى مقال سابق بجريدة الشروق بتاريخ ٩ ديسمبر ٢٠٢٠ بعنوان: «هل ستشهد الأزمة الإثيوبية حلا عاجلا خلال الأجل القريب؟ ونوهت خلاله إلى احتدام المعارك للجيش الإثيوبى وقوات من إقليم آمهرة على خطوط أمامية لجبهة التيجراى منذ ١٦ سبتمبر ٢٠٢١، ومواقف الأطراف المتصلبة، ولكن المتتبع لسير المعارك يستطيع أن يلحظ تصاعد التوتر والتطورات نتيجة العديد من العوامل منها على سبيل المثال:
١ــ عدم اعتراف قوات التيجراى بنظام آبى أحمد فى أديس أبابا، بالرغم من نجاحه فى الانتخابات الأخيرة ومحاولته إحكام السلطة كلها فى يديه.
٢ــ قدرة قوات التيجراى TPLF على استعادة زمام المبادرة وتحولها إلى الهجوم بعد حصار طويل استمر عدة شهور.
٣ــ استمرار المواجهة منذ نوفمبر العام الماضى (٢٠٢٠)، واستمرار الاشتباكات مع الجيش الاتحادى وحلفائه من الأريتريين والأمهرة إلى اللجوء للتجويع وانتشار المجاعات وهتك الأعراض، ومذابح متعددة مع تزايد أعداد المشردين displaced، نتيجة الحصار الذى فرض على الإقليم.
٤ــ ولكن فى قوة مفاجئة وحركة مباغتة stunning، سرعان ما استطاعت قوات التيجراى استعادة قوتها، وفك الحصار، وعادت إلى الإقليم فى يونيو الماضى، وكان من الواضح هو مشاعر الغضب والرغبة فى الثأر لأهاليها ومجتمعها، مما ارتكبه الجيش الاتحادى.
٥ــ هذه القوات قامت باعتداءات على إقليم الأمهرة المجاور، بما فى ذلك المدنيون، واحتلال أجزاء من الإقليم لمدد بسيطة uruga، مع تدمير المنشآت المهمة فيها، ولاحقا أنكرت الجبهة TPLF بعد ذلك اعتداءها على المدنيين.
٦ــ الجبهة بررت هجومها بأنه للرد على ما فرض عليها من حصار امتد لشهور طويلة فى إقليم التيجراى وسكانه البالغين ستة ملايين نسمة، وجراء ارتكاب الجيش الاتحادى وحلفائه للفظائع بما فى ذلك التجويع لـ٤٠٠٠٠٠ نسمة، والتهجير لـ٢٠٠٠٠٠ نسمة للسودان، وهى الحالة التى وصفتها وكالات الأنباء بأنها أسوأ أزمة عالمية متعددة الجوانب منذ عقود.
٧ــ فى تطور درامى جديد استخدم الطيران التابع للجيش الاتجادى الهجوم المتواصل على عاصمة الإقليم الأثرية ميكيلى، وقتل على إثرها ثلاثة مدنيين.
8ــ من التطورات المهمة أيضا التقرير الصادر عن مكتب المفوض السامى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمفوضية التى عينتها الحكومة الإثيوبية، بعد يوم من إعلان إثيوبيا حالة الطوارئ. ويؤكد أن جميع الأطراف المشاركة فى الحرب فى منطقة تيجراى ارتكبت انتهاكات ربما ترقى إلى مستوى جرائم الحرب. وأفاد التقرير أن جميع الأطراف متهمة بتعذيب وقتل مدنيين وتنفيذ عمليات اغتصاب جماعى واعتقالات على أساس عرقى.
وذكر التقرير أن الجنود الإريتريين قتلوا نحو 100 من المدنيين فى مدينة أكسوم، وأخرجوا نحو 70 رجلا من منازلهم عنوة وأعدموهم فى ثلاث قرى فى جنوب تيجراى. كما أن قوات تيجراى قتلت نحو 200 مدنى من أمهرة فى بلدة ماى كادرا وهى جريمة أعقبتها عمليات قتل انتقامية للمنتمين لتيجراى على يد قوات أمهرة.
9ــ لكن التطور الأبرز هو ما حدث فى الأسبوع الماضى حينما أعلنت قوات «الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى»، أنها سيطرت على بلدة دسى الاستراتيجية فى إقليم أمهرة الذى سعى عشرات الآلاف من أبناء عرقية الأمهرة للجوء إليه هربا من تصاعد القتال، غير أن الحكومة نفت ذلك. وبعدها بيومين أعلنت الجبهة سيطرتها على مدينة استراتيجية أخرى وهى كومبولتشا» ومطارها. وتقع هذه المدينة على أحد طريقين سريعين رئيسيين يربطان العاصمة أديس أبابا بميناء فى جيبوتى المجاورة.
وهذا التطور بمثابة مكسب استراتيجى لقوات تيجراى فى مواجهة الجيش الاتحادى وحلفائه الذين يحاولون طرد قوات تيجراى التى تقول إنها أصبحت على مقربة من أديس أبابا بحوالى 380 كيلو مترا، وهو أمر قد يستغرق أسابيع قليلة.
كل هذه التطورات تشهد على أن الصراع ممتد ودخل مرحلة جديدة قد تستمر لسنوات من التفكك للفيدرالية الإثيوبية، ووضع ما كان بينهم من فيدرالية على المحك.
سفير مصر السابق فى أديس أبابا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved