يحدث بين الأزواج

فهمي هويدي
فهمي هويدي

آخر تحديث: الأحد 6 ديسمبر 2009 - 11:49 ص بتوقيت القاهرة

 شعر الرجل بأنه يتعرض للسرقة، فما كان منه إلا أن تربص باللص واشتبك معه فى عراك مكنه من أن يمسك بخناقه. وإزاء المقاومة العنيدة التى أبداها فإنه أحكم قبضته على رقبته ولم يتركه إلا بعد أن سقط اللص جثة هامدة. وحين اطمأن إلى أنه تخلص منه، فتح عينيه واكتشف أنه كان يحلم. وما إن استعاد وعيه حتى صرخ مما رآه لأن مفاجأة صادمة كانت تنتظره، إذ وجد أن اللص الذى قام بخنقه لم يكن سوى زوجته التى كانت ترقد إلى جواره!

هذه ليست قصة خيالية، ولكنها حقيقية، بطلها بريطانى عمره (59 عاما) واسمه براين توماس(٥٩عاما) وزوجته القتيلة كريستين عمرها (57 عاما). وهما يسكنان فى مدينة سوانزى البريطانية. والجريمة لم تشغل الرأى العام الإنجليزى طوال الأشهر العشرة الماضية فحسب، ولكنها حيرت القضاة ورجال القانون أيضا. لأنها المرة الأولى التى تعرض فيها قضية بهذه الملابسات أمام القضاء البريطانى. وكانت المشكلة التى واجهت المحققين والقضاة هى كيفية التثبت من صحة أقوال الرجل، لتحديد مدى مسئوليته عما حدث.

أثناء التحقيق سألوا أفراد أسرته عن طبيعة علاقته مع زوجته، فقال شقيقه ريموند: إن براين كان يوصف بأنه «الرجل المحب»، وأن علاقة حب عميق ربطته بزوجته كريستين طوال الأربعين عاما الماضية، وظلا طوال تلك الفترة فى حالة من التفاهم والانسجام كان يضرب بها المثل فى الأوساط المحيطة بهما. وحين استنطقوا آخرين من أصدقائهما فإن إفادتهم لم تختلف كثيرا عما قاله الشقيق ريموند.

حين لم يجد المحققون خيطا يفسر الجريمة فى محيط الأسرة والأصدقاء. واقتنعوا بأنه لم توجد أسباب شخصية أو عائلية تبرر القتل. فإنهم لجأوا إلى فريق من المتخصصين فى الطب النفسى، وسألوهم عن إمكانية تصديق رواية الزوج القاتل.

وكانت خلاصة رأيهم أن النائم يمكن أن يرتكب أفعالا كثيرة، منها القتل، وهو مغيب الوعى، الأمر الذى ينتفى فيه العمد والقصد الجنائى. وهذا السلوك يوصف فى الطب النفسى باسم «أوتوماتيزم». وهو يعنى الأفعال اللاإرادية التى يقدم عليها المرء فينفذها عندما لا يكون واعيا، ودون أن يكون على علم بطبيعتها. وانتهوا إلى أنه من الناحية القانونية فإن الإنسان فى هذه الحالة لا يعد مسئولا عن أفعاله.

أخذت المحكمة برأى الأطباء وبرأت الرجل من تهمة القتل، وعبر شقيقه ريموند عن سعادته بالحكم، لكنه لم يخف شعوره بالحزن والإشفاق على أخيه توماس الذى سيعيش بقية حياته وهو يشعر بالذنب لأنه قتل بيديه المرأة التى أحبها وأخلص لها طوال أربعين عاما. الأمر الذى أنهى القضية بصورة درامية حصل بمقتضاها الرجل على البراءة من محكمة الجنايات، لكى يظل بقية عمره مدانا أمام محكمة الضمير!

ثمة قصة زوجية أخرى فريدة فى بابها وقعت أحداثها فى النمسا، واتهم فيها زوج محب بترويع زوجته وإرهابها. بطل القصة زوج من سكان فيينا هجرته زوجته وطلبت الطلاق منه. ولم يجد الرجل سبيلا لإقناعها بالعودة إليه وإثبات تعلقه بها غير قطع بنصره (الأصبع الثانى بعد الخنصر) من يده اليسرى، الذى يحيط به خاتم الزواج. ولم يكتف الزوج الولهان بذلك. وإنما رفض إجراء عملية طبية لإعادة وصل الأصبع. معتبرا أنه ما عاد بحاجة إليه بعدما فارقته المرأة التى من أجلها كان سيزينه بخاتم الزواج.

لم يقف الأمر عند ذلك الحد، لأن من سوء حظ الرجل كسير القلب أن القانون لا يعترف بالغرام سببا مخففا للمخالفة. ولذلك أصبح متهما بتجاهل قرار الزوجة الحر، من وجهة نظر العدالة، فى حين كان عليه احترامه، لأن الدستور يتعامل مع الزوجة كمواطن حر حقوقه مضمونة ومصونة. لذلك فإن القانون اعتبر ما أقدم عليه الزوج إرهابا وترويعا أراد بهما التأثير على الزوجة من خلال تخويفها. وكانت النتيجة أنه اتهم بارتكاب جنحة بحقها. من ثم فإنه لم يخسر أصبعه بعد زوجته فحسب، لكنه أصبح معرضا للحبس أو الغرامة بسبب فعلته.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved