الحقيقة والوهم

مصطفى كامل السيد
مصطفى كامل السيد

آخر تحديث: الجمعة 6 ديسمبر 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

تسود الدول العربية الآن، وخصوصا دول الخليج، مخاوف كبرى من تداعيات اتفاق الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن ومعها ألمانيا مع إيران، المتعلق ببرنامج إيران النووى. على نحو يفوق انزعاجها من السلاح النووى الذى تملكه إسرائيل. ربما توحى هذه المخاوف بأن إيران، بتحسن علاقاتها بالدول الغربية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، سوف تسارع بتوسيع نفوذها الإقليمى، وسوف تتحرك بدبلوماسيتها الناعمة، وربما أيضا بوسائل خشنة، لتشجيع أنصارها على الإطاحة بالنظم التى تناصبها العداء، صراحة أو ضمنا.

وليس هناك ما هو أبعد عن الحقيقة من هذه الأوهام، فهذا الاتفاق هو اتفاق مؤقت، وهو يلزم إيران بأن تجمد تخصيبها لليورانيوم عند حد 20%، وهو لا يكفى بكل تأكيد لتطوير سلاح نووى، وأن تخضع منشآتها النووية لرقابة صارمة من جانب الوكالة الدولية للطاقة النووية. وفضلا على ذلك، فإيران لم تدخل هذا الاتفاق من مركز قوة، بل دخلته من موقف ضعف بسبب الأثر المدمر للعقوبات الاقتصادية التى فرضتها الدول الغربية عليها، ومن ثم فهى بحاجة لهذا الاتفاق حتى تعالج الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه العقوبات. ويضاف إلى هذا كله، أن إيران عليها أن تصل إلى اتفاق نهائى مع نفس هذه الدول الست خلال ست شهور، وليس هناك شك أن الاتفاق النهائى إن تم التوصل إليه سوف يضع حدا لطموحات إيران النووية، أما إذا تعذر الوصول إليه، فسوف تواجه إيران ربما عقوبات اقتصادية أبعد أثرا.

وفى ظل هذه الظروف سوف تسعى السياسة الإيرانية فى الشرق الأوسط إلى التهدئة تعزيزا لفرص الوصول إلى اتفاق نهائى مرض لها، خصوصا، وأن هناك تحفظات كبرى على الاتفاق المؤقت من جانب المعارضة الجمهورية للرئيس أوباما وأصدقاء إسرائيل فى الولايات المتحدة.

ولذلك فليس هناك أثر مباشر لهذا الاتفاق على مصر، ولكنه ربما يشجع دول الخليج على توثيق علاقاتها بمصر أملا فى أن يتحقق فيها الاستقرار السياسى والنمو الاقتصادى الذى يمكنها من أن تصبح طرفا يمكن التعويل عليه فى منافسة النفوذ الإيرانى فى الشرق الأوسط، وربما يضع هذا الميل الخليجى لمصر عقبة أمام استعادة مصر لعلاقات دبلوماسية كاملة مع إيران، بينما تقيم كل دول الخليج مثل هذه العلاقات الكاملة مع حكومة طهران بما فى ذلك دولة الإمارات التى تشكو من احتلال إيران لجزرها الثلاث، وهو ما يلقى بتحديات هائلة أمام الدبلوماسية المصرية التى سوف تستفيد من وجود قنوات مفتوحة مع العاصمة الإيرانية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved