جائزة روبرت كينيدى تذهب لراجية عمران

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الجمعة 6 ديسمبر 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

فى هدوء وبعيدا عن الصخب الاعلامى تسلمت المحامية المصرية «راجية عمران» جائزة روبرت كينيدى لعام 2013، والتى تعد أرفع جائزة أمريكية، وأحد أهم الجوائز العالمية فى مجال حقوق الانسان وذلك تقديرا لجهودها فى مجال حقوق المرأة وحقوق المعتقلين والحريات العامة.

وتسلمت راجية الجائزة فى احتفال ضخم شهدته أحد أهم قاعات مجلس الشيوخ الأمريكى وحضر مراسم تسلم الجائزة عدد من أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب، وكبار مسئولى الجمعيات الحقوقية الأمريكية وممثل عن السفارة المصرية وعدد كبير من المهتمين بشئون قضايا حقوق الانسان حول العالم. وقامت أرملة روبرت كينيدى بتقديم الجائزة لراجية عمران.

والمحامية راجية عمران هى أصغر أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، وتقوم بالدفاع عن المعتقلين بصرف النظر عن انتماءاتهم، شاركت فى ثورة 25 يناير منذ بدايتها وهى من أبرز الوجوه النسائية التى تنال احترام من جماعات الثوار الشباب على اختلاف اتجاهاتهم، ومختلف القوى السياسية المصرية. وتقدم هذه الجائزة الرفيعة سنويا طبقا لترشيحات مع مختلف دول العالم، وهى مخصصة «للصحفيين والكتاب ونشطاء حقوق الإنسان، الذين يبذلون فى كثير من الأحيان مخاطر شخصية وتضحيات كبيرة، والذين يمثلون الخطوط الأمامية للحركة الدولية لحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية». وقد اختار مركز روبرت كينيدى، راجية عمران من قائمة تضم أكثر من 100 مرشحا.

•••

فى الوقت ذاته تدهورت حالة حقوق الإنسان بصفة عامة خلال الأسبوعين الماضيين خاصة فيما يتعلق بتوجهات الأجهزة الأمنية المصرية ضد المتظاهرين والنشطاء من الفتيات والنساء. فقد أصدرت فيه محكمة جنح سيدى جابر بالإسكندرية حكما بحبس 14 فتاة من جماعة الإخوان بالإسكندرية 11 عاما على خلفية اتهامهن بأعمال شغب وحيازة سلاح أبيض، وإيداع 7 أخريات متهمات بنفس القضية بدار رعاية الأحداث. وقبل ذلك تم اعتقال ناشطات سياسات من دعاة الحرية والديمقراطية ممن شاركوا فى مظاهرات «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين»، ومن بينهن رشا عزب ومنى سيف ونازلى حسين. وتم ترك بعض هؤلاء الفتيات بعد منتصف الليل فى أحد الطرق الصحراوية خارج القاهرة. كذلك أصبحت الجامعات المصرية تبدو وكأنها ساحات معارك بعد مقتل عدد من الطلاب فى جامعتى الأزهر والقاهرة على أيد قوات الأمن فى استكمال لمسلسل ممنهج من الاعتقالات والانتهاكات. وعقب ذلك تم اعتقال أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 أبريل بتهمة تنظيم مظاهرة أمام محكمة عابدين، والاعتداء على قوات تأمين المحكمة وانضم أحمد لرفيقه علاء عبدالفتاح، أحد رموز شباب ثورة 25 يناير الذى سبق وألقى للقبض عليه بتهم شبيهة.

•••

على مدى التاريخ عشق المصريون الاستقرار، ورغم ذلك وعندما اشتدت بهم آلام الاستبداد ثاروا، وأسقطوا نظام مبارك، وكانت لهم الحرية. واليوم تريد أجهزة الدولة القمعية تمرير قانون متخلف للتظاهر، وتريد محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى. إلا أنه ولكى يتحقق استقرار طبيعى ليس مصطنعا علينا بناء دولة مؤسسات، وكتابة دستور لا يفرز بيئة ترعى براعم الظلم، وتضمن تكافؤ الفرص بين المصريين بما لا يفرز معه مرة أخرى ظروفا تدعم استبدادا جديدا. ما حدث ويحدث فى مصر، سواء كان النجاح فى إسقاط نظام، أو فوضى وجدل وصدام وصراع بين المصريين حول طبيعة الدستور، ودور الدين، ودور الجيش، وهوية الدولة، ومكانة الحقوق وضمانات الحريات، هو تعبير عن تفاعل طبيعى بعدما شعر المواطن العادى بحقوقه وبإمكانية التغيير.

•••

بصفتها محامية، فقد مثلت راجية عمران المئات من المتظاهرين الذين يمثلون أمام القضاء العسكرى، وقامت بالدفاع عن حقوقهم فى التظاهر العلنى ضد القمع الحكومى. وذكر المتحدثون فى حفل تسليم الجائزة أن راجية عمران قضت عقدين من الزمن وهى تناضل فى مصر من أجل حقوق المرأة، فضلا عن سيادة القانون، وقضايا حقوق الإنسان بصفة عامة. وذكر مركز روبرت كينيدى فى إعلانه أن عمل نشطاء حقوق الإنسان ما زال مهما وخطرا خلال فترة الاضطرابات السياسية التى تمر بها مصر. ويتمتع مركز روبرت كينيدى بسمعة كبيرة فى مجال الحفاظ على الدعم المعنوى والسياسى للحاصلين على جوائزه لسنوات عديدة بعد حصولهم على هذا الشرف. ويرى مدير المركز التنفيذى سانتياجو كانتون أهمية الجانب الجغرافى عند اختيار راجية عمران لنيل الجائزة، إذ قال «إنها تقوم بعمل حاسم فى بلد ومنطقة تمر بظروف صعبة وهامة جدا».

•••

منذ أكثر من مائتى عام قال بنجامين فرانكلين، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة «هؤلاء الذين يضحون بالحرية مقابل الأمن.... لا يستحقونهما». هناك اليوم من يريد أن يخير المصريين بين حريتهم أو أمنهم، واذا أخطأ الشعب الاختيار فلن يدفع الثمن أحد سواه.

منذ مائة عام كتب المفكر العربى الجليل عبدالرحمن الكواكبى أن «المستبد يتجاوز الحد ما لم ير حاجزا من حديد، فلو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفا لما أقدم على الظلم، وكما يُقال: الاستعداد للحرب يمنع الحرب». لذا علينا جميعا أن نرفض دعوات عودة الاستبداد من جديد وأن نختار التأسيس لدولة مصرية ديمقراطية.. لا يوجد بها أى استبداد ولا أى قمع من أى نوع، ولا يظلم ولا يهان فيها أحد».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved