تطهير الفضائيات الخاصة أيضًا

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 7 فبراير 2012 - 9:10 ص بتوقيت القاهرة

صدق أو لا تصدق.. معظم القنوات الفضائية الخاصة تفرغت لتناقش عبر شاشاتها قضية تطهر الإعلام المصرى!!

 

صدق أو لا تصدق أن مذيعى ومذيعات هذه القنوات الكبار حصروا الأزمة كلها فى منظومة قنوات ماسبيرو.. تساءلوا واندهشوا وهم يناقشون ضيوفهم: طب وهنعمل إيه فى ماسبيرو المصرّ على تشويه سمعة الإعلام المصرى والثورة؟.. وطبعا معظمهم صال وجال ووصل إلى نتيجة مدهشة وهى أن سبب أرق الشعب المصرى وغضبه وتظاهره وإثارته هو مسئولو ماسبيرو وسياستهم الإعلامية.. وهو إدارة هذا الكيان وظلمها وتعسفها وإجحافها فى منح إعلامييها الفرصة للتعبير عن أنفسهم ومنحهم رواتب هزيلة، تصوروا هذا ما حدث ويحدث على شاشات الفضائيات الخاصة. وهو نوع من التلوين ولىّ بعض الحقائق بإبعاد التهمة الكبرى عنها، فالفضائيات الخاصة التى تدعو قنوات ماسبيرو للتطهير يدها لم تكن أبدا بريئة من تلويث الإعلام وانحرافه عن مساره الصحيح، وعن دوره كأداة لتوصيل الخبر وكمحقق تليفزيونى فيما يحدث من حوله من ظواهر وأحداث، أقول هذا فى وقت تحتاج بالفعل قنوات ماسبيرو إلى مناقشة جادة بهدف إصلاحها وتطويرها، إلى نقد بناء لخلاصها من فكر أحيانا عقيم وأحيانا موجهه وأحيانا أخرى قصير النظر ومغلوب على أمره.. لكن دعونا نتكلم بصدق كم فى المائة من الشعب الآن يشاهد قنوات ماسبيرو وكم فى المائة يلتف حولها، واقع الأمر أنه ومنذ مرور الشهر الأول على الثورة ــ أى نهاية فبراير من العام الماضى ــ ومعظم المشاهدين من الشعب المصرى والمصريين فى الخارج التفوا حول شاشات الفضائيات الخاصة المصرية وغيرها، وبالتالى فهم وإن ضاقوا ذرعا بالإعلام وما يشعرونه من أنه يغالى فى تحليل الحدث ورصده، وضاقوا أيضا من ضيوفه المكررين بأفكارهم المؤدلجة والتى لا نعفيها من توصيل رسائل تخدم أجندتهم الخاصة حتى ولو على سبيل التواجد.. فالجمهور بحق يوجه اللوم لهذه الشاشات التى يلتف حولها.

 

وقد قررت أن أعمل رصدا بنفسى فى الشارع عن رؤية الناس لما تبثه شاشات التليفزيون داخل وخارج ماسبيرو، وجدت سائق التاكسى يلعن ما شاهده على قناة خاصة من السماح لنوعية محددة من الضيوف تدعو للفتنة الطائفية وإثارة الذعر والتشكيك فى نوايا ثورة شعبية نبيلة، ووجدت موظف السوبر ماركت يقول «الإعلام هيولعها»، والحلاق الذى ظل يتحدث على مدار ساعة دون توقف أشار إلى أسماء بعينها تحاول إثارة المشاهدين عبر السماح لمداخلات تليفزيونية مجهولة.. كل واحد يروى الحدث بمعلومات غريبة، كلها بعيدة عن الحقيقة.. عامل المقهى قال: «أنا كرهت فلان وفلان وفلانة».. وكل هذه الشهادات لم يذكر أحد اسم قناة مصرية محلية ولا اسم مذيع من داخل ماسبيرو!!

 

أنا لا أعفى الفقرات الإخبارية التى قدمتها قنوات ماسبيرو من الوقوع فى الخطيئة الإعلامية وأنها بلا شك عاشت فترات ارتباك واهتز مسئولوها تجاه نقل ومعالجة الحدث الأعظم فى مصر وتبعاته، وأرى أيضا أن لحظات الإفاقة والعودة إلى مسار صحيح لم تأت بعد وتحتاج لدعم نهضوى للإفاقة.

 

وكلنا يعلم أن مواهب ماسبيرو الآن أصبحت طيورا مجروحة ما زالت تنزل إثر سياسات إعلامية محدودة الهدف والهوية.

 

لكن لماذا تفتح الفضائيات الخاصة شاشاتها مرسخة أهم برامجها لزيادة الجرح وتحاكم القاتل والمقتول؟.. الفتوة والمفترى عليه، الجانى والمجنى عليه داخل قنوات ماسبيرو دون أن تلتفت إلى أنها هى الأخرى تنزف من إصابتها بالانزعاج الإعلامى ضاربة فى معظمها عرض الحائط ببديهيات ميثاق شرف تتطلبه هذه المرحلة. إن قلق القنوات الخاصة على مصير قنوات ماسبيرو بهذه الصورة غير مبرر حتى ولو حسنت النوايا إلى الإصلاح. وعليها أن تقلق هى على نفسها.. وللحق الإعلام المرئى كله فى حاجة للتصالح مع نفسه ومع قيمة رسالته وأهمية تواجده والوعى بسقف الحرية التى اكتسبها بفضل ثورة 25 يناير وثوارها وطوال هذه المرحلة لابد أن نعترف كلنا خطاءون.. ولكن خير الخطائين التوابون.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved