انتباه.. يا هيئة

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 7 فبراير 2018 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

بعد أن فشلت الدولة المصرية بسلطتها ومعارضتها، فى ضمان الحد الأدنى من التنافسية للانتخابات الرئاسية التى انتهت قبل أن تبدأ فى ظل عدم وجود أى منافس حقيقى للمرشح الرئيس عبدالفتاح السيسى، يبدو أن هناك إصرارًا من جانب معسكر السلطة ومن يواليها من رجال الأعمال والسياسة على تأكيد الفشل وتجريد هذه العملية الانتخابية من الحد الأدنى لاحترام القواعد التى وضعتها هذه المؤسسات ومررتها عبر القنوات الشرعية كما تريد.

فما نراه حتى الآن هو تجاهل جميع الأجهزة المعنية وبخاصة الهيئة الوطنية للانتخابات لكل ما يجرى من تجاوزات وانتهاكات للقواعد التى وضعتها هذه المؤسسات ما دامت التجاوزات والانتهاكات «تصب فى مصلحة المواطن» المرشح الرئيس عبدالفتاح السيسى، حتى لو لم يكن للرجل دور فى هذه التجاوزات.

ففى مؤتمرها الصحفى الأول، شددت الهيئة الوطنية للانتخابات على منع أى نشاط دعائى للمرشحين قبل الموعد المقرر للدعاية والذى يحل يوم 24 فبراير، ومع ذلك لم نر منها أى تحرك لمواجهة سيل الإعلانات الترويجية للمرشح الرئيس عبدالفتاح السيسى سواء فى الصحف الحكومية أو اللافتات التى غطت الشوارع وجميعها يحمل توقيع أصحابها وهو ما يعنى سهولة ملاحقته بتهمة انتهاك القواعد المنظمة للانتخابات.

والهيئة المعنية بضمان حياد مؤسسات الدولة وأجهزتها التنفيذية بين المرشحين، لم تحرك ساكنا أمام سيل بيانات دعم الرئيس السيسى الصادرة عن أجهزة الدولة والتى كان أشدها فجاجة بيان شركة مترو الأنفاق التى قالت فيه إنها «تؤيد مبايعة الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة رئاسية ثانية، لتكملة مسيرة بناء مصر الحديثة».

ولم يصدر تعليق للهيئة الموقرة على بعض تحركات الرئيس السيسى ومؤتمراته التى يمكن أن تدخل تحت بند الدعاية الانتخابية واستغلال مرافق الدولة لصالح المرشح وليس تحت بند القيام بأعمال وظيفته الرئاسية، مع أن هذا الأمر يدخل فى صميم عمل الهيئة إذا ما أرادت ضمان نزاهة هذه الانتخابات الشكلية على الأقل.

ففى الهند تملك مفوضية الانتخابات سلطة مراجعة كل قرارات وتحركات الحكومة منذ الدعوة لإجراء الانتخابات لضمان عدم استغلال الحكومة صلاحياتها فى تقديم رشاوى انتخابية للناخبين فى صورة قرارات مثل خفض الأسعار أو إقامة مشروعات فى دائرة معينة، ويصبح من حق المفوضية إلغاء أى قرار حكومى يمكن اعتباره تحت بند الدعاية الانتخابية للأحزاب الحاكمة.

بالطبع لا نطمع ولا نحلم بمثل هذه الممارسة الديمقراطية، خاصة وأن ما يجرى فى مصر ليس انتخابات وإنما «مسرحية انتخابية» غاب عن إعدادها أصحاب الخبرة فى مجال «تظبيط الانتخابات»، ولكننا كنا نأمل أن تستغل الهيئة الوطنية للانتخابات هذه «البروفة الانتخابية» من أجل ممارسة كامل صلاحياتها القانونية والدستورية لضمان النزاهة والشفافية، استعدادا لما هو قادم من استحقاقات سواء انتخابات المحليات أو انتخابات مجلس النواب.

للأسف الشديد لا يمكن اعتبار طريقة أداء الهيئة الحالى مؤشرا يدعو إلى التفاؤل بالمستقبل، والمطلوب أن تنتبه الهيئة والقائمون عليها إلى أن الديمقراطية والانتخابات النزيهة هى المصلحة القومية العليا وليس التغاضى عن ممارسات السلطة التنفيذية أو حتى التشريعية الرامية إلى بقاء الأوضاع على ما هى عليه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved