مرتزقة أردوغان!

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 7 فبراير 2020 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

يبدو أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، عاقد العزم على مواصلة إشعال الحرائق فى ليبيا، وإفشال أى حل سياسى ينهى الصراع المدمر الذى يستنزف موارد وثروات هذا البلد العربى، عبر إرسال المزيد من المرتزقة والإرهابيين كل يوم لدعم حكومة فايز السراج، ضد الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر.
وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية ذكرت الأسبوع الماضى أن تركيا ترسل حاليا مقاتلين سوريين تابعين لجماعات مسلحة مثل تنظيمى «القاعدة» و«داعش» لدعم حكومة السراج ضد الجيش الوطنى الليبى، ونقلت الوكالة عن قياديين فى ميليشيات ليبية القول إن تركيا أرسلت أكثر من 4 آلاف مقاتل أجنبى إلى طرابلس، وأن العشرات منهم «يتبنون أفكارا متطرفة».
وكشف القياديان عن أن انقساما حدث داخل الميليشيات الليبية حول قبول المتطرفين فى صفوفها من عدمه؛ حيث يرى البعض أن خلفية المقاتلين ليست مهمة «بما أنهم جاءوا للمساعدة فى الدفاع عن العاصمة»، فيما يرى آخرون أن المقاتلين القادمين سيشوهون صورة حكومة السراج.
أما المرصد السورى لحقوق الإنسان، فقد كشف عن ارتفاع عدد المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا إلى طرابلس، ليصل إلى نحو 4700، فى حين بلغ عدد المرتزقة الذى وصلوا إلى المعسكرات التركية لتلقى التدريب نحو 1800، وأوضح المرصد أن «المتطوعين» من المرتزقة هم من فصائل تعرف بـ«لواء المعتصم» و«فرقة السلطان مراد» و«لواء صقور الشمال» و«الحمزات» و«فيلق الشام» و«سليمان شاه» و«لواء السمرقند».
الرئيس التركى لم يخف هذا التوجه نحو إشعال الفوضى فى ليبيا، كما لم ينكر إرسال المرتزقة والإرهابيين إلى هناك، ولعل ما صرح به الشهر الماضى كان كاشفا عما يحدث حاليا على الأرض فى ليبيا؛ حيث قال فى تصريحات تلفزيونية: «كقوة قتالية، سيكون لدينا فريق مختلف فى ليبيا.. لن يكونوا من جنودنا.. هذه الفرق والقوات القتالية المختلفة ستعمل معا، لكن جنودنا رفيعى المستوى سيقومون بدور تنسيقى».
هذا الاعتراف لم يترك مجالا للتكهنات، بشأن الدعم التركى لحكومة السراج عن طريق إرسال المرتزقة والإرهابيين والمتطرفين، الذين لعبوا دورا مدمرا فى سوريا خلال السنوات الماضية، وذلك لتحقيق حزمة من الأهداف التى تصب فى خدمة أطماع ومصالح تركيا الكثيرة فى ليبيا.
أول الأهداف التى يسعى أردوغان لتحقيقها، من خلال دعم السراج بالسلاح والمرتزقة، هو منع سقوط المشروع الذى يمثله فى ليبيا، ونعنى به المشروع الإخوانى القائم على إدخال الأوطان العربية تحت راية الخلافة العثمانية، بعدما تلقى هذا المشروع ضربة موجعة فى مصر عام 2013، عندما ثار الشعب ضد حكم الجماعة التى لم تستمر سوى عام واحد فى مقعد السلطة.
الهدف الثانى لأردوغان يتمثل فى الحصول على جزء من كعكة الثروات الكبيرة سواء فى ليبيا الغنية بالنفط، أو فى منطقة شرق المتوسط، التى تتوفر فيها احتياطات هائلة من الغاز، رغم عدم أحقية تركيا فى مشاركة دول المنطقة فى ثروات مياهها الاقتصادية بالبحر المتوسط، والمعترف بها دوليا.
كذلك يرغب الرئيس التركى ــ عبر الدفع بالمرتزقة والإرهابيين إلى طرابلس ــ، فى إرباك دول جوار ليبيا، خصوصا مصر التى لا يهضم أردوغان نظامها السياسى ولا المسار الذى اعتمدته منذ ثورة 30 يونيو، وهو الأمر الذى يمثل خطورة بالغة على أمن مصر القومى، وسيغذى ويدعم الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة على حدودها، مما يهدد بشكل مباشر استقرارها الداخلى وجهود التنمية الاقتصادية.
ما يجب عمله الآن لمواجهة توجهات أردوغان المدمرة والمثيرة للفوضى فى المنطقة، هو أن تنفذ الأمم المتحدة تعهداتها، التى كانت قد أطلقتها عقب مؤتمر برلين الأخير؛ حيث أكدت على لسان مبعوثها الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، أن «لديها ورقة تمكنها من محاسبة الرئيس التركى فى حال إرساله مرتزقة إلى ليبيا».. تدخل المنظمة الدولية لمعاقبة أردوغان مطلوب على نحو عاجل، حتى يتوقف عن نشر الفوضى والقلاقل فى المنطقة، وإبلاغه رسالة حازمة مفادها أن إرسال المرتزقة والإرهابيين إلى ليبيا يمثل اعتداء صارخا غير مقبول على سيادة دولة عربية، ويتنافى مع قواعد القانون الدولى، ويشكل تطورا بالغ الخطورة يهدد الأمن والسلم الدوليين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved