هل توقف التآمر ضدنا؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 7 مارس 2017 - 11:25 م بتوقيت القاهرة

هل توقفت المؤامرة الأجنبية ضد مصر.. أم أننا كنا نبالغ فى الأمر، أم أننا نفضل الاستسهال دائما ونلقى بالتهم الجاهزة على الجميع، حتى لا نحاسب أنفسنا على أخطائنا؟!.

مناسبة هذا السؤال هى التقارير والأخبار الإيجابية التى تمتلئ بها وسائل إعلام أجنبية كثيرة عن الاقتصاد المصرى فى الفترة الأخيرة مقارنة بتقارير سلبية فى نفس هذه الوسائل طوال الأعوام الماضية.

إذا كنا قد نسينا فإن مجلة الإيكومنيست البريطانية الشهيرة، كانت قد خصصت ملفا شاملا فى أوائل أغسطس الماضى بعنوان صادم هو «خراب مصر»، ركزت فيه على الجوانب السلبية فى الاقتصاد المصرى، بعدها قامت قيامة الكثيرين فى مصر وتم توجيه كل أنواع التهم الجاهزة للمجلة.

التقرير كان صعبا فعلا وربما لم يكن كامل الإنصاف، لكن الهجوم على المجلة العريقة لم يكن بدوره منطقيا، والسبب أن المجلة نفسها عادت بعد شهور قليلة لتقدم نظرة أكثر تفاؤلا للاقتصاد المصرى. ولم نجد الذين هاجموها يفسرون لنا سر إشادتها بمصر، وهل معنى هذا التحول انها اوقفت التآمر ضدنا؟!.

نفس ما فعلته الإيكومنيست كررته بصورة مشابهة تقريبا كل من الفاينانشيال تايمز ورويترز والنيويورك تايمز والواشنطن بوست وبلومبيرج. معظم هذه الصحف والمجلات والوكالات انتقدت مظاهر تراها سلبية فى الاقتصاد المصرى، لكنها هى نفسها امتدحت بصور متعددة خطوة تحرير أو تعويم سعر الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية فى ٣ نوفمبر الماضى.

هذه الوسائل الإعلامية، تنطلق بالطبع من إيمان راسخ بالمبادرة الفردية واقتصاديات السوق والعرض والطلب، وضرورة تطبيق روشتة صندوق النقد والبنك الدوليين، وبالتالى فعندما تطبق دولة ما هذه الوصفات، فإنها ستجد مدحا فى معظم الإعلام الغربى.

وبالتالى وإذا كانت بعض وسائل الإعلام المصرية خصوصا الحكومية، تمتدح الآن بعض وسائل الإعلام الغربية التى هاجمتها مرارا وتكرارا قبل ذلك، فعليها أن تسأل نفسها: ما الذى تغير؟!.

من وجهة نظرى أن الامر بسيط، وهو انه كانت عندنا ازمة اقتصادية صعبة وتخبط رهيب فى معالجتها، ولذلك هاجمتنا هذه الصحف، ثم قررنا أن نعالج هذه المشكلة من جذورها، وهو الامر الذى ادى إلى بدء ظهور بعض التباشير الايجابية هذه الايام.

لست ساذجا لأصدق أنه لا توجد وسيلة إعلامية تتمتع بالنزاهة والموضوعية بنسبة مائة فى المائة، بما فيها كبريات الصحف العالمية مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست.
لكن ما أنا متأكد منه أن كل وسيلة أو صحيفة مثل الصحيفتين الأمريكية الأخيرتين والأكثر تأثيرا عالميا لهم سياسة تحريرية شبه ثابتة والدليل أنهما يشنان حملة هجوم غير مسبوق على الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وسائر أركان إدارته.

أدرك أيضا أن معظم هذه الصحف تتبنى موقفا شديد العدائية احيانا ضد العديد من الحكومات العربية ومنها حكومتنا ونظامنا السياسى، لكنه يظل موقفا سياسىا معلنا، والدليل على ذلك بسيط وسهل. فالإدارة الأمريكية صارت صديقة مقربة لحكومتنا بعد فوز ترامب، ومعها تقريبا غالبية الأجهزة الحساسة من وزارة الدفاع «البنتاجون» إلى وزارة الخارجية مرورا بالكونجرس وبعض الوكالات الأمنية.

كما أن المؤسسة المالية الأهم فى العالم وهى صندوق النقد الدولى ومقرها واشنطن المساهم الاكبر فيها، قدمت لنا أكبر قرض فى تاريخ مصر والمنطقة، وتدعم برنامج حكومتنا الاقتصادية بكل قوة.
إذا كان الأمر كذلك فما الذى يدفع هذا الغرب لكى يتآمر علينا؟!

مرة أخرى هناك تضارب مصالح، وصراعات طبيعية معلنة بين غالبية بلدان العالم، بما فيها الدول الصديقة، وهذه المصالح المتضاربة ليست مؤامرات، لكن التآمر مثلا ــ من وجهة نظري ــ هو ما تفعله إسرائيل ضدنا، وهو تآمر لا يتم ولا ينجح إلا لأننا نساعدها بتخلفنا وجهلنا وفقرنا وحروبنا الطائفية والأهلية.

نحن كعرب ومسلمين، صرنا عبئا على العالم، وبالتالى فهذا العالم هو لا يفكر فى التآمر علينا، وليس مشغولا بذلك كما نتخيل، لأنه يكفيه تآمرنا على أنفسنا!!!.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved