اختفاء الوزير من الصورة

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الأربعاء 7 أبريل 2010 - 10:01 ص بتوقيت القاهرة

لماذا اختفى دور وزارة الثقافة فى أزمة مهرجان لقاء الصورة السينمائى وظهر مع بوادر انتهائها؟! أليس هذا حدثا فنيا بالدرجة الأولى. ربما أدرك السيد فاروق حسنى بفطنته وقناعاته المعهودة أن المسألة ستكون مجرد زوبعة فى فنجان وستمر بعيدا عنه ودون أن يكون له موقف يحسب له أو عليه، وسينسى السينمائيون المصريون المعترضون على عرض فيلم إسرائيلى فى المهرجان الحكاية برمتها مثل أحداث كثيرة مشابهة.

لكن الشىء المدهش أن الأزمة ــ على عكس هوى وزير الثقافة ــ تصاعدت عقب تحدى وزارة الخارجية الفرنسية للإرادة المصرية، وإصرارها على عرض فيلم «شبة طبيعى» للمخرجة الإسرائيلية كيرين بن رافاييل فى المهرجان المقام على أرض مصر، ثورة كبيرة حدثت فى أروقة وزارة الخارجية الفرنسية ولم تتحرك وزارة الثقافة ولم تدلِ بأى بيان مضاد وكأنها ليست وزارة مصرية.. حتى مع تحرك وزارة الخارجية المصرية وإصدارها بيانا قويا وقاطعا لحفظ حق الفنانين المصريين فى الاعتراض، وعدم المساس والاستهانة برؤيتهم فى رفض أو قبول المشاركة فى المهرجان الذى ينظمه المركز الفرنسى. لم تنتفض وزارة الثقافة واكتفت بالفرجة طوال الأزمة وأرادت أن تدخل الصورة فى المشهد الأخير وهو ما لم أفهمه.

ألم يحرك الهجوم الفرنسى والإسرائيلى على شباب السينمائيين المصريين واتهامهم بمعاداة السامية وأنهم ضد قبول الآخر عبر وسائل إعلامهم الكبرى ــ مشاعر وزير الثقافة من باب المسئولية الوطنية والغيرة حتى لوكان مع عرض الفيلم الإسرائيلى. الشىء الأكثر غرابة أن كل السينمائيين المصريين الذين كانوا على جدول المهرجان قاموا بسحب أفلامهم، وبقى الفيلم المصرى «التمثال» الحاصل على دعم من وزارة الثقافة وقررت مخرجته نيفين شلبى ــ رغم تصريح الوزير المتأخر بعدم المشاركة ــ عدم سحبه من المهرجان، وهو التصرف الذى أزعجنى لأنه بمثابة إعلان صريح على موافقة وزارة الثقافة بعرض الفيلم الإسرائيلى بالقاهرة وقبول الإهانة الفرنسية والغطرسة الإسرائيلية.

إن المسألة تعدت حدود البروتوكولات وتبادل الثقافات بعدما شنت الصحافة والدبلوماسية الفرنسية هجوما على السينمائيين المصريين المنسحبين من المشاركة سواء فى لجنة تحكيم المهرجان أو فى مسابقته، وكان على وزارة الثقافة أن تدافع عن موقف أبنائها مبكرا، وترد على كل المهاترات التى أخذت أبعادا أخرى.

فلماذا اختفى وزير الثقافة من الصورة فى مهرجان الصورة وترك الخارجية لتخوض هى المعركة بدلا منة وكانت رد فعلها سريعا وأكثر حماسة فى الدفاع عن موقف المخرجين والفنانين المصريين واحترام رغبتهم فى الانسحاب من المهرجان، وأنهم مارسوا حقا مكفولا لهم وفق الدستور.

إن تخلف وزارة الثقافة عن الأزمة وتأخر رد فعلها مؤشر خطير؛ لأنها بدت وكأنها لا تملك القدرة على المواجهة والدفاع عن مبدعيها.. وسقطت ورقة التوت لتصبح الصورة عارية تماما.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved