منحة «ماهى خليفة»

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 7 أبريل 2020 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

أطلت علينا الباحثة المرموقة فى العلوم السياسية الدكتورة دينا شحاتة، وزوجها المحامى المتميز فى القانون الدولى الدكتور كريم أبو يوسف بنبأ جميل هو تخصيص منحة سنوية لدراسة الفنون فى أوروبا لمدة عام لطلاب الدراسات العليا، المنحة تحمل اسم «ماهى خليفة»، التى رحلت عن عالمنا فى يوليو 2019، وهى والدة «دينا»، وكانت تعمل مهندسة ديكور، أحبت الفنون، وحرصت على اقتناء اللوحات، وغيرها من الإبداعات الفنية، ولها كتابان مهمان فى هذا المجال من إصدار «دار الشروق»، وقررت ابنتها وزوجها الاحتفاء بها، وتذكرها بطريقة مبدعة وهى إنشاء «صندوق ماهى خليفة للفنون»، مبادرة فيها الكثير من التحضر، ومحاكاة المجتمعات المتقدمة فى إنشاء وقفيات للأنفاق على العلم وطلابه تخليدا لأسماء الشخصيات البارزة، يثبت ذلك ما نقوله دائما إن القضية ليست المال، لأن هناك كثيرين لديهم المال، لكنهم لا يمتلكون الفكر، وأقصى ما يقدمونه هو «المساعدات الاجتماعية»، وهو أمر مقدر بالطبع، أو يتجه بعضهم إلى الإنفاق السياسى الذى لا يترك أثرا، وعادة ما تستفيد منه مجموعات بعينها، أتذكر يوما أننى كنت فى نقاش مع أحد المهتمين بالعمل العام، وتطرق الأمر إلى رجال الأعمال الذين ينفقون عشرات الملايين فى السياسة، فقلت لمحدثى: لو قرر هؤلاء جميعا إنشاء جامعات عصرية وفق أحدث معايير عالمية، يستقدمون لها أفضل هيئات تدريس، ويعطون لأبناء المصريين المتفوقين فرصة التعلم بها، سوف يسهمون فى تغيير وجه المجتمع، البعض حاول، والبعض لم يفعل.
المجتمعات تُبنى بالعلم، وكلما توسعنا فى الإنفاق على العلم، كان ذلك أفضل استثمار فى رأس المال البشرى، وإذا أردنا أن نخلد ذكرى من كانت لهم بصمة فى الحياة، فإنه لا يوجد أفضل من العلم مجالا لتخليد أسمائهم، فى العالم المتقدم، الوقفيات تنفق على الباحثين، وتنشئ الجامعات، وتتبنى البرامج الاجتماعية، هذا ما نسميه المجتمع المدنى، أو رأس المال الاجتماعى أو مبادرات الأفراد الطوعية لتحسين نوعية الحياة، والإسهام فى التغيير الاجتماعى للأفضل، وأحسنت «دينا شحاتة» وزوجها «كريم أبو يوسف» صنعا بأن خصصا هذه المنحة باسم الراحلة الكريمة المبدعة، وانحيازا للتخصص والموضوعية أوكلتا إلى منظمة غير حكومية هى «آرت دى إيجيبت» إدارة هذه المنحة التى تقدم للفنانين الشباب دون سن الخامسة والثلاثين سواء الراغبين فى الحصول على درجة الماجستير، أو الدراسة الحرة دون الحصول على شهادة علمية، وهى منظمة ترعى الفنون، ولها العديد من الأنشطة الفنية، والمعارض التى قامت بتنظيمها فى المتحف المصرى، أو شارع المعز، وغيرها.
وإذا كنا نشير إلى هذه المبادرة التى يغلفها الحرص على الثقافة والإبداع، نحيى أصحابها على إطلاقها، وتحمل نفقاتها، وأؤكد أن هذا لم ينبع من فراغ، بل هو نتاج تكوين أسرى، فيه رقى وإنسانية، واهتمام بالعلم والثقافة منذ الصغر، وهو ما نحتاج إليه فى المجتمع المصرى الذى يعانى من ضعف الثقافة الإنسانية، وانخفاض تقدير قيمة العلم، وربما أشعر أن الفرصة مناسبة لكى أشكر زميلة عزيزة ساعدتنى شخصيا فى إعداد ملف التقدم إلى منحة «مجلس الثقافة البريطانى» منذ عشرين عاما للحصول على الماجستير فى التنمية السياسية، وأظهرت رقيا ودعما لزميل لها، وهو ليس بغريب عليها، فقد فعلته مع آخرين، وهى الآن تقوم به مؤسسيا، اسمها «دينا شحاتة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved