جمهورية حد ليه شوق فى حاجة؟!

حسام السكرى
حسام السكرى

آخر تحديث: السبت 7 مايو 2016 - 10:00 م بتوقيت القاهرة

تتنوع أغراض صيغة الاستفهام فى اللغة العربية. منها التعجب والنفى والإنكار، وغيرها. وعندما طرح الفنان محمود عبدالعزيز سؤاله الشهير فى فيلم إبراهيم الأبيض: «حد ليه شوق فى حاجة»، أضاف نيابة عن مصر كلها غرضا آخر للاستفهام وهو التعبير عن «البلطجة».

الرئيس السيسى لمس المسألة فى خطابه الأخير، عندما قال إن مصر ليست دولة وإنما «أشباه دولة»، وأعرب عن أمله فى ان تتحول، رغما عن أنف الأشرار، إلى دولة يسودها القانون وتتمتع باحترام العالم.

الرئيس محق فى وصفه لهذة الدولة، التى تكاد تتحول إلى دولة إبراهيم الأبيض فى الفيلم وهو يقول قولته الشهيرة. ولا يوجد ما هو أدل على ذلك من المشاهد التى حدثت تحت رعاية الشرطة فى محيط نقابة الصحفيين عندما استقدم الامن عشرات البلطجية لسب الصحفيين والاعتداء عليهم والتحرش بهم فى حماية رجال الأمن. التحول من دولة إلى شبه دولة حدث عند النقطة التى سقط فيها برقع الحياء ولم يعد المسئولون يأبهون فيها بانكشاف دورهم فى انتهاك القانون. لم يعد هناك من ينفى أو ينكر أو يتوارى ولسان حالهم يقول «احنا كده اذا كان عاجبك.. حد ليه شوق فى حاجة؟!».

الصحفى والمذيع أحمد خير الدين يحكى عن حوار مع لواء شرطة ووجه بسؤال عن سبب عدم تطبيق قانون التظاهر على البلطجية الذين تجمعوا خارج نقابة الصحفيين، فرد قائلا: ما انتم كمان متجمعين بما يخالف القانون. وعندما قيل له: دى جمعية عمومية للنقابة لكن ده إيه؟ أجاب ضاحكا: دى مواءمة سياسية.

محمود سالم من الحزب الديمقراطى الاجتماعى ينقل حوارا آخر كان المحامى عمرو إمام يحمل فيه أحد الضباط، مسئولية سلامة عدد من الصحفيين كان البلطجية على وشك الاعتداء عليهم. التفت الضابط إلى البلطجية وقال بانفعال: اللى مالوش لازمة يمشى احسن يقولوا اننا اللى جايبينكم. فلم يتمالك أحد البلطجية من الرد عليه مستنكرا: أمال مين اللى جابنا يا باشا؟!

معظم الصحف نقلت قصص المواطنين الشرفاء الذين لم يعد هناك شك فى علاقتهم الوثيقة بالداخلية وفى حضورهم للمشهد بناء على طلبها.

أما أعظم تلخيص لدولة «حد ليه شوق فى حاجة» فكان فى الصورة التى التقطت لأحد البلطجية مرفوعا على الأعناق محتضنا صورة الرئيس، فيما يلوح بيسراه التى تضم عددا من أوراق نقدية تلقاها نظير قيامه بهذا العمل الوطنى الفذ، وباليمنى يبرز أصبع الوسطى فى تحد سافر للكاميرا. لا يوجد ما هو أوضح: مأجور يلوح بثمن بيع كرامته الذى تلقاه من المسئولين، ويتحدى من يعترض: حد ليه شوق فى حاجة؟!

لو أضفت انتهاكات السجون وأماكن الاحتجاز، واستمرار حبس أعداد يصعب حصرها من المظلومين، وصدور حكم فى غفلة من الزمن على سناء سيف، وإلقاء القبض على المحامى والحقوقى مالك عدلى، ستكتمل لديك الصورة: انتهكنا القانون، انتقمنا من الشباب، جعلناها شبه دولة، ولا يهمنا احترام العالم.. حد ليه شوق فى حاجة؟!

لو تغاضينا عن عامل البلطجة فإن للسؤال إجابة: نعم.. عندنا شوق فى دولة تكف عن الكذب والظلم والانتهاك، ويعرف رئيسها أنه موظف عام يتقاضى راتبه من الشعب، وتعرف حكومتها أنها مسئولة أمام الناس عن وضع خطط مدروسة لتوفير مناخ العمل والإنتاج والاستثمار، وتلبية احتياجاتهم من أمن وصحة وتعليم.

هذا شوقنا.

حد له شوق فى حاجة.. مختلفة؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved